الخميس، 12 يناير 2023

العواصم من الشيطان و صحيح الرقية الشرعية للشيخ مصطفى العدوي

 

شبكة مشكاة الإسلامية

العواصم من الشيطان و صحيح الرقية الشرعية

للشيخ مصطفى العدوي

 محتويات الكتاب 

مقدمة

حفظ الله لعباده المؤمنين

ضعف كيد الشيطان

وها هي الحروز والعواصم

احفظ الله يحفظك

ذكر الله عز وجل

ما يقال ويفعل لحل عقد الشيطان

الاستنثار عند الاستيقاظ

قيام شيء من الليل

حرز عند دخول الخلاء

الأذان يطرد الشيطان

الاستعاذة من همزات الشياطين وأن يحضرون

الاستعاذة من همز الشيطان ونفخه ونفثه

الاستعاذة بالله عند قراءة القرآن

كيف تصنع مع شيطان الصلاة

ترك الالتفات في الصلاة

منع المرور بين يدي المصلي

السجود مطردة للشيطان

سجدتا السهو ترغيم للشيطان

ومن العواصم ترك الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها

حروز في الصباح والمساء

فضل المعوذات والتعوذ بها

حرز أول النهار

حرز من السم والسحر

تعويذ الصبيان

كفوا صبيانكم عند المساء

تجنب مواطن الشبهات

ترك النجوى

لا تعينوا الشيطان على أخيكم

ترك قول: "لو" المصحوبة بالاعتراض على القدر

التعوذ بالله عند وسوسة الشياطين والملحدين وترك الاسترسال في التفكير

التعوذ بالله عند الغضب

التعوذ عند سماع نباح الكلاب

التعوذ بالله من الشيطان عند سماع نهيق الحمار

طرد الشيطان من البيت

حرز يحفظ به البيت والطعام من الشيطان

حرز آخر لحفظ الطعام من الشيطان

حرز يقوله من نزل منزلاً

حرز يقوله من سقط عن دابته

رد التثاؤب

ترك الخلوة بالنساء

حرز يقال عند الجماع

الآيتان الأخيرتان من سورة البقرة حرز من الشيطان

حرز عند النوم

حرز آخر عند النوم "آية الكرسي"

ومن الحروز للرؤيا

الاستعاذة من تخبط الشيطان عند الموت

اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

حاصل الأمر في الرقية وما يدفع به المس، وما يتحصن به العبد

العلاج بدعاء الله عز وجل

وقد سحر النبي صلى الله عليه وسلم فما كان منه إلا الدعاء الكثير المتواصل

الرقية وطرد الشيطان ببعض سور الكتاب العزيز

سورة البقرة

الرقية بالمعوذات

الرقية بفاتحة الكتاب

صور أخرى من الرقى

رقية جبريل عليه السلام

الرقية من العين

طلب الاغتسال من العائن وصب الماء على المصاب

الرقية من ذوات السموم

التحذير من إتيان السحرة والكهان وبيان كذبهم

الإكثار من الاستغفار

فضل حسبنا الله ونعم الوكيل

وختامًا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المقدمة مع تنبيهات هامة

الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله، ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا رسول الله، أرسله الله رحمة للعالمين، صلوات ربي وسلامه عليه إلى يوم الدين.

وبعد . .

فهذه طائفة من الحروز والعواصم، جمعتها من كتاب الله -عز وجل-، ومن الصحيح الثابت، من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بها يعصم الله العبد، ويحفظه من كيد الشيطان، ووساوسه، وغوايته.

وقد أتبعتها ببعض الرقى والأدعية الصحيحة (1)  التي يدفع الله بها البلاء عن العبد بعد نزوله، فنسأل الله أن يعصمنا، والمسلمين والمسلمات، من الشيطان الرجيم، وأن يدفع عنا وعن المسلمين والمسلمات كل محنة، وفتنة، وبلاء.

هذا وننبه هنا على أمور: أولها: أن الذي ينتفع بهذه الحروز والعواصم بالدرجة الأولى، هم المؤمنون دون غيرهم؛ وذلك لأن الله يقول: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارًا) [ الإسراء 82 ]

ثانيًا: أنه ينبغي أن يقبل المؤمن على هذه الحروز، وهو موقن بها، وأنها أنفع حصن وأفضل علاج؛ وذلك لأنها من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة الثابتة.

ثالثًا: أنه قد يتأخر الشفاء لأمر يريده الله سبحانه وتعالى، فهو يعلم ونحن لا نعلم، وقد قال سبحانه: ( وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) البقرة 216. ، وقد قال أيضًا: ( فيكشف ما تدعون إليه إن شاء) الأنعام 41

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لامرأة كانت تصرع: "إن شئت دعوت الله فشفاك، وإن شئت صبرت ولك الجنة".

فقد يتأخر الشفاء، ويكون في ذلك نوع من أنواع الابتلاء والاختبار، هل يثبت الشخص على إيمانه أم أنه يتجه إلى الشعوذات والخرافات، والسحرة والكهنة، والدجالين والعرافين؟ فهؤلاء الذين يعوذون برجال من الجن يزيدون المريض مرضًا إلى مرضه، وقد قال تعالى: (وأنه كان رجال من الأنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقًا) [ الجن: 6].

ونذكر أيضًا بما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل" قيل: يا رسول الله! ما الاستعجال؟ قال: "يقول: قد دعوت، وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء".

رابعاً: أن المريض يثاب على مرضه، إن هو صبر واحتسب، لما ورد في ذلك من الأحاديث، ثم إنه يثاب أيضًا إذا هو دعا ربه -سبحانه وتعالى- يكشف البلاء، فالدعاء هو العبادة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

فعليه؛ فالعبد يثاب كلما دعا، ودعا، سواء كشف ما به من بلاء أم لم يكشف.

وقد سحر النبي صلى الله عليه وسلم واستمر به بلاؤه، كما سيأتي- إن شاء الله- فدعا، ودعا،ودعا, إلى أن شفاه الله.

وقبله قد مرض نبي الله أيوب صلى الله عليه وسلم مرضًا شديدًا طويلاً، وصبر، وقال الله في شأنه: ( إنا وجدناه صابرًا نعم العبد إنه أواب) [ص:44].

خامسًا: ليعلم أن الرقى لا تختص بشخص معين، فالشافي هو الله، وهو الذي يكشف الضر -سبحانه وتعالى-، وعليه، فليلتمس منه وحده الشفاء، ويمكن لأي شخص أن يرقي نفسه، وأن يرقي غيره، والله سبحانه يتقبل من المتقين. وفي حديث أبي سعيد أن رجلاً رقى بفاتحة الكتاب فشفا الله المريض، مع أنهم كانوا لا يعهدون من هذا الرجل الرقية، ولا يعرفونه بها.

سادسًا: ينبغي أن تتقى الأمور التي تمنع من الشفاء، بل قد تزيد المريض وهنًا على وهنه، وضعفًا إلى ضعفه، فلا ينبغي أن يتناول مريض ما دواءً، ثم هو يتناول سمًا، مع هذا الدواء أو يتناول طعامًا يفسد مفعول هذا الدواء؛ فكذلك الأمر في الرقية، فلا يقومن شخص يدعو ربه بالشفاء، ثم هو مع ذلك يترك الصلاة، ويأكل أموال اليتامى ظلمًا ويزني ويسرق ويسفك الدماء!!!

لا يقومن رجل يدعو ربه بصرف الشيطان، وإبطال كيده، ثم هو مع ذلك يفعل ما يرضي الشيطان، ويجلس مع المعازف، والتصاوير والخمر والقينات!!!

سابعًا: وليحذر المرضى والمعالجون من المخلفات الشرعية، التي ترتكب أثناء العلاج، خاصة علاج الرجال للنساء، كخلوة الرجل بالمرأة، ومس شيء من جسدها، وخضوعها بالقول، وتكشفها، وغير ذلك مما يؤول بصاحبه إلى المعاصي والفواحش- عياذًا بالله -عز وجل- والمعاصي والفواحش تزيد العبد رهقًا وعناءً، فالمصائب تنزل في كثير من الأحيان بسبب الذنوب، قال الله تبارك وتعالى: ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) [ الشورى: 30]. وإن كانت في بعض الأحيان لرفعة الدرجات.

هذا ولنشرع في إيراد العواصم من الشيطان ونخللها ونتبعها بشيء من الوارد من أبواب الرقى، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، سائلين الله أن ينفعنا بهذه الحروز والعواصم، وأن ينفع بها عباده المؤمنين.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه

أبو عبدالله/  مصطفى بن العدوي

مصر-  الدقهلية-  منية سمنود

______________________________

(1) واقتصرت على الثابت الصحيح دون غيره ففي ما صح غنية وكفاية.

 

حفظ الله لعباده المؤمنين

قال الله تبارك وتعالى: (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات) [ البقرة: 257].

وقال الله سبحانه: ( وهو يتولى الصالحين) [ الأعراف: 196].

 

ضعف كيد الشيطان

قال الله سبحانه وتعالى: (إن كيد الشيطان كان ضعيفًا) [ النساء: 76].

وقال سبحانه: (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون) [ النحل: 99-100].

وقال سبحانه: ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين) [ الحجر: 42].

 

وها هي الحروز والعواصم الإيمان بالله وخشيته وتقواه والتوكل عليه

قال الله تبارك وتعالى: (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين) [ آل عمران: 175].

وقال سبحانه: ( ومن يتوكل علة الله فهو حسبه) [ الطلاق: 3].

وقال سبحانه: ( ومن يتق الله يجعل له مخرجًا) [ الطلاق: 2].

 

احفظ الله يحفظك هكذا علم النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عباس رضي الله عنه !!!

قال ابن عباس رضي الله عنه : "كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال: يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك. احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف" (2) .

صحيح (ت,حم,عاصم,..)

______________________________

(2) وفي بعض الروايات: " واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرًا كثيرًا، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا".

وفي بعضها: "تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة" وهذه والتي قبلها تحتاج إلى مزيد نظر في إسنادها، وإن كان معناها صحيحًا.

 

ذكر الله عز وجل

قال الله تبارك وتعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) [ الرعد: 28].

وعن الحارث الأشعري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، وإنه كاد أن يبطيء بها، فقال عيسى، إن الله أمرك بخمس كلمات لتعمل بها، وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، فإما أن تأمرهم، وإما أنا آمرهم، فقال يحيى: أخشى إن سبقتني بها أن يخسف بي أو أعذب، فجمع الناس في بيت المقدس فامتلأ المسجد وقعدوا على الشرف، فقال: إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن، أولهن: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدًا من خالص ماله بذهب أو ورق، فقال: هذه داري، وهذا عملي فاعمل وأد إلي، فكان يعمل ويؤدي إلى غير سيده، فأيكم يرضى أن يكون عبده كذلك؟ وإن الله أمركم بالصلاة، فإذا صليتم فلا تلتفتوا؛ فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت. وآمركم بالصيام؛ فإن مثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة فيها مسك، فكلهم يعجب أو يعجبه ريحها، وإن ريح الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. وآمركم بالصدقة؛ فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو، فأوثقوا يده إلى عنقه وقدموه ليضربوا عنقه، فقال: أنا أفديه منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه منهم. وآمركم أن تذكروا الله؛ فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعًا حتى إذا أتى على حصن فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن: السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يرجع، ومن ادعى دعوى الجاهلية، فإنه من جثا جهنم، فقال رجل: يا رسول الله! وإن صلى وصام؟! قال: وإن صلى وصام، فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله" .

صحيح (حم,ت )

 

ما يقال ويفعل لحل عقد الشيطان

عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم (3) - إذا هو نام- ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة مكانها: عليك ليل طويل (4) فارقد. فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان" .

صحيح (خ،م)

______________________________

(3) استثنى بعض العلماء من ذلك من قرأ آية الكرسي عند نومه، وذلك لما ورد في شأن من قرأها إذا أوى إلى فراشه: "لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح" وسيأتي إن شاء الله.

واستثنى آخرون كذلك: من صلى العشاء في جماعة، وذلك لما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه: "من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله".

(4) تحريض على النوم: بمعنى: نم فإن الليل ما زال طويلاً، فعلى ذلك فينبغي أن يستحضر الشخص رواية عائشة في الصحيحين( واللفظ لمسلم) في وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل, فإذا كان عند النداء الأول( قالت) وثب( ولا والله ما قالت: قام) فأفاض عليه الماء .. الحديث.

 

الاستنثار عند الاستيقاظ

عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات؛ فإن الشيطان يبيت على خياشيمه " (6) .

صحيح (خ،م)

______________________________

(5) الاستنثار هو: إدخال الماء في الأنف ثم نثره.

(6) الخيشوم هو أعلا الأنف.

 

قيام شيء من الليل

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح (7) قال: "ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه (8) أو قال: "في أذنه" .

صحيح(خ،م)

______________________________

(7) ذكر بعض العلماء أن معناها: أنه نام عن صلاة الليل، وبوب لها النووي بقوله: باب ما روي فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح. وذكر آخرون: أنه نام عن المكتوبة.

(8) ذكر بعض أهل العلم: أن بول الشيطان بول حقيقي فكما أن الشيطان يأكل ويشرب ويجامع فكذلك هو يبول، وقال آخرون: بل المراد بذلك أن الشيطان استخف به وجعله كالكنيف موطنًا للبول، وقيل: إن الشيطان ملأ سمعه بالأباطيل فحجب سمعه عن الذكر، وقيل: غير ذلك والله أعلم.

 

حرز عند دخول الخلاء

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء (9) قال: "اللهم! إني أعوذ بك من الخبث (10) والخبائث (11) " .

صحيح (خ,م)

______________________________

(9) الخلاء: الخلاء والكنيف والمرحاض، كلها موضع قضاء الحاجة.

(10) الخبث والخبائث: الخبث: بضم الباء وإسكانها، وهما وجهان مشهوران في رواية هذا الحديث، قال الخطابي: الخبث جماعة الخبيث، والخبائث جمع الخبيثة، قال: يريد ذكران الشياطين وإناثهم.

(11) وفي رواية: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يدخل الخلاء قال...".

* تنبيهان : الأول: إذا كان الشخص يقضي حاجته في أماكن لم تعد لذلك كالفضاء مثلاً فمتى يقول هذا الدعاء؟ ذهب جمهور العلماء إلى أنه يقوله عند تشمير الثياب.

الثاني: من نسى هذا الذكر حتى دخل الخلاء فمتى يقوله؟ الذي يظهر -والله أعلم- أنه يقوله أيضًا- إذا كان نسيه- إذا دخل ما لم يجلس لقضاء حاجته، فإذا جلس لقضاء حاجته فيستعيذ بقلبه لا بلسانه، ففي صحيح مسلم أن رجلاً مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول فسلم فلم يرد عليه.

وهذا من باب الكراهية, وليس من باب التحريم لحديث عائشة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه".

 

الأذان يطرد الشيطان

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط (12) حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضى النداء أقبل، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول: اذكر كذا، اذكر كذا- لما لم يكن يذكر- حتى يظل الرجل لا يدري كم صلي" (13) .

صحيح (خ,م)

عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة، ذهب حتى يكون مكان الروحاء" (14) .

وإذا لم يكن الوقت وقت أذان، وأذن الشخص هل ينصرف الشيطان كذلك؟

قال بذلك بعض أهل العلم.

ففي صحيح مسلم عن سهيل (15) :

قال: أرسلني أبي إلى بني حارثة. قال: ومعي غلام لنا ( أو صاحب لنا) فناداه مناد من حائط باسمه. قال: وأشرف الذي معي على الحائط فلم ير شيئًا. فذكرت ذلك لأبي فقال: لو شعرت أنك تلقى هذا لم أرسلك، ولكن إذا سمعت صوتًا فناد بالصلاة؛ فإني سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "إن الشيطان، إذا نودي بالصلاة، ولّى وله حصاص" (16) .

______________________________

(12) وفي رواية لمسلم: "إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة أحال له ضراط حتى لا يسمع صوته، فإذا سكت رجع فوسوس، فإذا سمع الإقامة ذهب حتى لا يسمع صوته فإذا سكت رجع فوسوس".

(13) في بعض الروايات عند مسلم زيادة: "فهناه ومناه، وذكره من حاجاته ما لم يكن يذكر".

(14) الروحاء: مكان على بعد ستة وثلاثين ميلاً من المدينة.

* قال ابن الجوزي -رحمه الله-: على الأذان هيبة يشتد انزعاج الشيطان بسببها؛ لأنه لا يكاد يقع في الأذان رياء ولا غفلة عند النطق به.

(15) سهيل: هو ابن أبي صالح.

(16) الحصاص هو الضراط، وقيل: شدة العدو.

 

الاستعاذة من همزات الشياطين وأن يحضرون

قال الله تبارك وتعالى: (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين* وأعوذ بك رب أن يحضرون) [المؤمنون: 97-98].

وعن الوليد بن الوليد رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله! إني أجد وحشة، قال: "فإذا أخذت مضجعك فقل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون، فإنه لا يضرك وبالحري أن لا يقربك" .

صحيح لغيره (17) (حم)

______________________________

(17) فقد أخرجه أحمد بإسناد مرسل لكن له شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع: "بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون" أخرجه أحمد أيضًا، وكذلك الترمذي، وقال: حسن غريب.

 

الاستعاذة من همز الشيطان ونفخه ونفثه

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتعوذ من الشيطان من همزه، ونفثه، ونفخه، قال: وهمزه: الموتة، ونفثه: الشعر، ونفخه: الكبرياء.

صحيح لشواهده (18) (حم)

______________________________

(18) فقد أخرج أحمد وأبوداود من حديث جبير ابن مطعم رضي الله عنه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة فقال: "الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، والحمد لله كثيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً".ثلاثًا أعوذ بالله من الشيطان من نفخه ونفثه وهمزه، قال: نفثه: الشعر، ونفخه: الكبرياء، وهمزه: الموتة، وفي بعض طرقه عند أحمد: "اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه" .

قلت: أما همزه ففسر في الحديث بأنه الموتة، وقال أبو عبيد كما في اللسان- الموتة: الجنون، قال: وإنما سماه همزًا؛ لأنه جعله من النخس والغمز.وقال أبو عبيد أيضًا: وإنما سمي النفث شعرًا؛ لأنه كالشيء ينفثه الإنسان من فيه مثل الرقية.

 

الاستعاذة بالله عند قراءة القرآن

قال الله سبحانه وتعالى: "فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم" [النحل: 98].

قال ابن كثير-رحمه الله-: والمعنى في الاستعاذة عند ابتداء القراءة؛ لئلا يلبس على القارئ قراءته، ويخلط عليه ويمنعه من التدبر والتفكر.

 

كيف تصنع مع شيطان الصلاة

عن أبي العلاء (19) أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي (20) ، يلبسها (21) علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثاً" قال ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.

صحيح(م)

______________________________

(19) ظاهره هنا الإرسال، إلا أن مسلمًا عقبه بالرواية الموصولة.

(20) قال النووي- رحمه الله-: ومعنى( حال بيني وبينها) أي: نكدني فيها ومنعني لذتها والفراغ للخشوع فيها.وقال- رحمه الله- أيضًا: وفي هذا الحديث استحباب التعوذ من الشيطان عند وسوسته، مع التفل عن اليسار ثلاثًا..

(21) يلبسها علي، أي: يخلطها علي ويشككني فيها.

 

ترك الالتفات في الصلاة

عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه قالت: سألت النبي عن التفات الرجل في الصلاة فقال: "هو اختلاس (22) يختلس الشيطان من صلاة أحدكم"

صحيح (خ)

______________________________

(22) في رواية: يختلسه.

أما الاختلاس فهو: الاختطاف بسرعة، فالمصلي يقبل عليه الرب سبحانه وتعالى، والشيطان مرتصد له ينتظر فوات ذلك عليه، فإذا التفت اغتنم الشيطان الفرصة فسلبه تلك الحالة.

انظر الفتح(2/235).

 

منع المرور بين يدي المصلي

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مر بين يدي أحدكم شيء وهو يصلي فليمنعه، فإن أبى فليمنعه، فإن أبى فليقاتله؛ فإنما هو شيطان" (23) .

صحيح (خ،م)

______________________________

(23) في بعض روايات مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنه: ".. فإن معه القرين".

قال النووي رحمه الله-: قوله صلى الله عليه وسلم: "فإنما هو شيطان"، قال القاضي: قيل: معناه إنما حمله على مروره وامتناعه من الرجوع الشيطان وقيل: معناه يفعل فعل الشيطان؛ لأن الشيطان بعيد من الخير، وقبول السنة، وقيل: المراد بالشيطان القرين، كما جاء في الحديث الآخر "فإن معه القرين" والله أعلم.

 

السجود مطردة للشيطان

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله[ وفي رواية: يا ويلي].، أمر ابن آدم بالسجود فسجد، فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار ".

صحيح(م)

 

سجدتا السهو ترغيم للشيطان

عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى؟ ثلاثاً أم أربعًا؟ فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسًا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتمامًا لأربع كانتا ترغيمًا للشيطان" (24) .

صحيح (م)

______________________________

(24) (كانتا ترغيمًا للشيطان) أي : إغاظة له، وإذلال.امأخوذ من الرغام وهو التراب، ومنه: أرغم الله أنفه، والمعنى: أن الشيطان لبس عليه صلاته، وتعرض لإفسادها ونقصها، فجعل الله تعالى للمصلي طريقًا إلى جبر صلاته، وتدارك ما لبسه عليه، وإرغام الشيطان ورده خاسئًا مبعدًا عن مراده، وكملت صلاة ابن آدم، وامتثل أمر ربه تعالى الذي عصى به إبليس من امتناعه من السجود، والله أعلم.

 

ومن العواصم ترك الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها

عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس، ولا غروبها؛ فإنها تطلع بين قرني الشيطان".

صحيح (خ،م)

______________________________

(25) وجه ذلك واضح مما ذكره النووي -رحمه الله- حيث قال: قيل: المراد بقرني الشيطان حزبه وأتباعه، وقيل: قوته وغلبته، وانتشار فساده، وقيل: القرنان ناحيتا الرأس، وأنه على ظاهره، وهذا هو الأقوى، قالوا: ومعناه أنه يدلي رأسه إلى الشمس في هذه الأوقات ليكون الساجدون لها من الكفار كالساجدين له في الصورة، وحينئذٍ يكون له ولبنيه تسلط ظاهر، فكرهت الصلاة حينئذٍ صيانة لها كما كرهت في الأماكن التي هي مأوى الشيطان.

 

حروز في الصباح والمساء

عن أبان بن عثمان: قال: سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يضره شيء (26) ". فكان أبان قد أصابه طرف فالج (27) ، فجعل الرجل ينظر إليه، فقال له أبان: ما تنظر؟ أما إن الحديث كما حدثتك ولكني لم أقله يومئذٍ ليمضي الله علي قدره.

حسن (د, ت, جه، ن، حم)

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة, كانت له عدل عشر رقاب, وكتبت له مائة حسنة, ومحيت عنه مائة سيئة, وكانت له حرزًا من الشيطان، يومه ذلك، حتى يمسي، ولم يأت أحد أفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك, ومن قال: سبحان الله وبحمده، في يوم، مائة مرة، حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر ".

صحيح (خ،م)

عن عبدالله بن مسعود، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال: "أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم! أسألك خير هذه الليلة، وأعوذ بك من شر هذه الليلة، وشر ما بعدها، اللهم! إني أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر" (28) .

صحيح(م)

عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال: قال أبو بكر: يا رسول الله مرني بشيء أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال: "قل اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السموات والأرض رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه (29) قال :قله إذا أصبحت، وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعك".

صحيح (د،ت)

______________________________

(26) في رواية أبي داود: "من قال : بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات، لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي".

(27) الفالج: داء من الأدواء، والظاهر هنا أنه جرج، والله أعلم.

(28) في رواية: "رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها".

وفي نفس الرواية.. وإذا أصبح قال ذلك أيضًا: "أصبحنا وأصبح الملك لله".

(29) قال المباركفوري رحمه الله- الشرك، بكسر الشين، وسكون الراء، أي: ما يدعو إليه من الإشراك بالله، ويروى بفتحتين أي: مصائده وحبائله التي يفتتن بها الناس.

 

فضل المعوذات والتعوذ بها

عن عبدالله بن خبيب رضي الله عنه قال: خرجنا في ليلة مطيرة وظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي لنا فأدركته فقال: "قل" , فلم أقل شيئًا، ثم قال: "قل" , فلم أقل شيئًا، قال: "قل" , فقلت: ما أقول؟ قال: "قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وتصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء" .

إسناده حسن (30) (د، ت، ن)

وعن عقبة بن عامر الجهني قال: بينا أنا أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته في غزوة إذ قال: "يا عقبة قل" , فاستمعت ثم قال: "يا عقبة قل" , فاستمعت فقالها الثالثة، فقلت: ما أقول؟ فقال : "قل هو الله أحد"، فقرأ السورة حتى ختمها, ثم قرأ قل أعوذ برب الفلق وقرأت معه حتى ختمها, ثم قرأ قل أعوذ برب الناس فقرأت معه حتى ختمها، ثم قال: "ما تعوذ بمثلهن أحد" .

صحيح (ن)

وفي رواية: "ما سأل سائل بمثلها ولا استعاذ مستعيذ بمثلها" .

______________________________

(30) وقد ورد نحو هذا الحديث من وجه آخر عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر في الإصابة: ولا يبعد أن يكون الحديث محفوظًا من الوجهين.

 

حرز أول النهار

عن نعيم بن همار الغطفاني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال ربكم تبارك وتعالى: ابن آدم صل لي أربع ركعات أول النهار أكفك آخره" .

حسن(حم)

 

حرز من السم والسحر

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اصطبح كل يوم بسبع تمرات عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل" .

وفي بعض الروايات: "من أكل سبع تمرات عجوة مما بين لابتيها" (31) .

صحيح(خ،م)

______________________________

(31) أي: لابتي المدينة، والمراد: ما بين الحرتين، والتمر مقيد بصفة وعدد، أما الصفة فكونه من عجوة العالية، أما العدد فهو سبع تمرات.

 

تعويذ الصبيان

وقالت امرأة عمران لما وضعت مريم: (وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم)[آل عمران: 36].

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، ويقول: "إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة" .

صحيح (خ)

 

كفوا صبيانكم عند المساء

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان جنح الليل (1) - أو أمسيتم- فكفوا صبيانكم (2) ؛ فإن (3) حينئذٍ. فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم، وأغلقوا الأبواب, واذكروا اسم الله؛ فإن الشيطان لا يفتح بابًا مغلقًا, وأوكوا قربكم، واذكروا اسم الله، وخمروا (4) آنيتكم، واذكروا اسم الله، ولو أن تعرضوا عليها شيئًا. وأطفؤا مصابيحكم " (5) .

صحيح (خ،م)

وفي بعض روايات مسلم: "فإن الشيطان لا يحل سقاء ولا يفتح بابًا ولا يكشف إناءً" .

______________________________

(1) [إذا كان جنح الليل] هذا الحديث فيه جمل من أنواع الخير والآداب الجامعة لمصالح الآخرة والدنيا، فأمر صلى الله عليه وسلم بهذه الآداب التي هي سبب للسلامة من إيذاء الشيطان، وجعل الله -عز وجل- هذه الأسباب أسبابًا للسلامة من إيذائه، فلا يقدر على كشف إناء ولا حل سقاء، ولا فتح باب، ولا إيذاء صبي وغيره، إذا وجدت هذه الأسباب. وجنح الليل، بضم الجيم، كسرها، لغتان مشهورتان، وهو ظلامه، ويقال: أجنح الليل أي: أقبل ظلامه، وأصل الجنوح الميل.

(2) [فكفوا صبيانكم]، أي: امنعوهم من الخروج ذلك الوقت.

(3) [فإن الشيطان ينتشر] أي: جنس الشيطان, وفي رواية: الشياطين"، ومعناه أنه يخاف على الصبيان ذلك الوقت من إيذاء الشياطين لكثرتهم حينئذٍ.

(4) خمروا: غطوا.

(5) وفي بعض الروايات عند مسلم: "لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء، فإن الشياطين تنبعث.." والفواشي: كل شيء منتشر من المال كالإبل والغنم وسائر البهائم، وفحمة العشاء ظلمتها وسوادها.

وقال بعض العلماء: إن الظلمة التي بين صلاتي المغرب والعشاء الفحمة.

قلت: وهذا الحديث من الأحاديث التي غفل عنها وعن العمل بها كثير من صالحي المسلمين فضلاً عن عوامهم، ولو أمعنوا النظر فيه، وأقبلوا على العمل به لنجوا من أخطار كثيرة هم وذرياتهم وأموالهم، ولعافاهم الله في أبدانهم وأسماعهم وأبصارهم فلا يجعلوا للشيطان عليهم سبيلاً، ولا على أولادهم. وفي بعض طرق الحديث: "لا ترسلوا مواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس".

 

تجنب مواطن الشبهات

عن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما النبي: "على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي" ، فقالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبر عليهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم (1) ،وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا (2) " .

صحيح (خ،م)

______________________________

(1) في رواية: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم".

(2) وفي رواية: "سوءًا".

 

ترك النجوى

قال الله سبحانه و تعالى: (إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا( (1) [المجادلة:10].

عن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر, حتى تختلطوا بالناس؛ من أجل أن يحزنه" (2) .

صحيح (خ،م)

______________________________

(1) المراد-والله أعلم- أن هذا التناجي يصدر عن المتناجين بتزيين الشيطان وتسويله لهم بذلك كي يحزن المسلمين الآخرين فيتوهموا إنما وقع التناجي في حقهم، وإنما يدور الحديث في شأنهم، فمن أحس من ذلك شيئًا فليستعذ بالله وليتوكل على الله، فإنه لا يضره شيء بإذن الله .

(2) في رواية في الصحيح: "فإن ذلك يحزنه".

 

لا تعينوا الشيطان على أخيكم

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب (1) ، قال: "اضربوه" قال أبو هريرة رضي الله عنه فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله، قال: "لا تقولوا هكذا، لا تعينوا (2) عليه الشيطان" .

صحيح(خ)

______________________________

(1) أي: قد شرب خمرًا ففي بعض الروايات: "أتي النبي صلى الله عليه وسلم بسكران" .

(2) قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-: ووجه عونهم للشيطان بذلك، أن الشيطان يريد بتزيينه له المعصية أن يحصل له الخزي، فإذا دعوا عليه بالخزي فكأنهم قد حصلوا مقصود الشيطان.

قلت: وعند أبي داود زيادة في آخره: "ولكن قولوا: اللهم اغفر له وارحمه".

تعليق: وهكذا ينبغي لكل مؤمن ألا يكون عونًا للشيطان على إخوانه المؤمنين، فإذا زلت قدم أحدهم فليقوموه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، والنصح حق لكل مسلم، والستر من خير الأبواب والمؤمن أخو المؤمن.

 

ترك قول: "لو" المصحوبة بالاعتراض على القدر

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان" (1) .

صحيح (م)

______________________________

(1) قال النووي _رحمه الله_: قال القاضي عياض: قال بعض العلماء: هذا النهي إنما هو لمن قاله معتقدًا ذلك حتمًا، وأنه لو فعل ذلك لم تصبه قطعًا، فأما من رد ذلك إلى مشيئة الله تعالى بأنه لن يصيبه إلا ما شاء الله فليس من هذا، واستدل بقول أبي بكر رضي الله عنه في الغار: ( لو أن أحدهم رفع رأسه لرآنا).

قال القاضي: وهذا لا حجة فيه؛ لأنه إنما أخبر عن مستقبل، وليس فيه دعوى لرد قدر بعد وقوعه، قال: وكذا جميع ما ذكره البخاري في باب ( ما يجوز من اللو) كحديث: "لولا حدثان عهد قومك بالكفر لأقمت البيت على قواعد إبراهيم"، و"لو كنت راجمًا بغير بينة لرجمتُ هذه"، و"لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك" وشبه ذلك لا اعتراض فيه على قدر، فلا كراهة فيه؛ لأنه إنما أخبر عن اعتقاده فيما كان يفعل لولا هذا المانع، وعما هو في قدرته، فأما ما ذهب فليس في قدرته، قال القاضي: فالذي عندي في معنى الحديث أن النهي على ظاهره وعمومه، لكنه نهي تنزيه ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن لو تفتح عمل الشيطان", أي: يلقي في القلب معارضة القدر ويوسوس به الشيطان.. هذا كلام القاضي.

قلت: وقد جاء من استعمال كلمة "لو" في الماضي قوله صلى الله عليه وسلم : "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي"، وغير ذلك، فالظاهر أن النهي إنما هو على إطلاق ذلك فيما لا فائدة فيه فيكون نهي تنزيه لا تحريم، فأما من قاله تأسفًا على ما فات من طاعة الله تعالى أو ما هو متعذر عليه من ذلك ونحو هذا، فلا بأس به، وعليه يحمل أكثر الاستعمال الموجود في الأحاديث، والله أعلم.

 

التعوذ بالله عند وسوسة الشياطين والملحدين وترك الاسترسال في التفكير

وعن أبي هريرةرضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا؟ حتى يقول له: من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته " (1) .

صحيح (خ, م)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم (2) به، قال: "وقد وجدتموه؟" قالوا: نعم، قال: "ذاك صريح الإيمان" (3) .

صحيح(م)

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا: خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئًا فليقل: آمنت بالله" (4) .

صحيح (م)

وفي رواية: "فليقل آمنت بالله ورسله" .

______________________________

(1) [ فليستعذ بالله ولينته] معناه: إذا عرض له هذا الوسواس، فليلجأ إلى الله تعالى في دفع شره وليعرض عن الفكر في ذلك، وليعلم أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان، وهو إنما يسعى بالفساد والإغراء، فليعرض عن الإصغاء إلى وسوسته، وليبادر إلى قطعها، بالاشتغال بغيرها، والله أعلم.

وقال الحافظ بن حجر -رحمه الله-:

[ ولينته] أي: عن الاسترسال في ذلك، بل يلجأ إلى الله في دفعه، ويعلم أنه يريد إفساد دينه وعقله بهذه الوسوسة، فينبغي أن يجتهد في دفعها بالاشتغال بغيرها.

(2) [ إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم]، أي: يجد أحدنا التكلم به عظيمًا، لاستحالته في حقه سبحانه وتعالى.

(3) [ ذاك صريح الإيمان]، معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلاً عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققًا، وانتفت عنه الريبة والشكوك.

(4) [ فليقل آمنت بالله] معناه: الإعراض عن هذا الخاطر الباطل والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه، قال الإمام المازري رحمه الله- : ظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها والرد لها من غير استدلال، ولا نظر في إبطالها، قال: والذي يقال في هذا المعنى: إن الخواطر على قسمين، فأما التي ليست بمستقرة ولا اجتلبتها شبهة طرأت، فهي التي تدفع بالإعراض عنها، وعلى هذا يحمل الحديث، وعلى مثلها يطلق اسم الوسوسة، فكأنه لما كان أمرًا طارئًا بغير أصل دفع بغير نظر في دليل، إذ لا أصل له ينظر فيه، وأما الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة، فإنها لا تدفع إلا بالاستدلال والنظر في إبطالها، والله أعلم .

 

التعوذ بالله عند الغضب

قال الله سبحانه وتعالى: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم) [ فصلت: 36].

عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" . فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتدري ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلمآنفًا؟ قال: "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه :أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (1) " . فقال له الرجل: أمجنونًا تراني؟

صحيح (خ،م)

______________________________

(1) تفسير الاستعاذة: قال ابن كثير- رحمه الله-: والاستعاذة هي الالتجاء إلى الله تعالى، والالتصاق بجانبه من شر كل ذي شر، والعياذة تكون لدفع الشر، واللياذ يكون لطلب جلب الخير كما قال المتنبي:

يا من ألوذ به فيما أؤمله

ومن أعوذ به ممن أحاذره

لا يجبر الناس عظمًا أنت كاسره

 

 

 

التعوذ عند سماع نباح الكلاب

عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم نباح الكلاب، ونهيق الحمير من الليل، فتعوذوا بالله؛ فإنها ترى ما لا ترون"

حسن (حم)

 

التعوذ بالله من الشيطان عند سماع نهيق الحمار

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمعتم صياح الديكة، فاسألوا الله من فضله؛ فإنها رأت ملكًا، وإذا سمعتم نهيق الحمار، فتعوذوا بالله من الشيطان؛ فإنها رأت شيطانًا" .

صحيح (خ،م)

 

طرد الشيطان من البيت

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر. إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة"

صحيح (م)

 

حرز يحفظ به البيت والطعام من الشيطان

عن جابر بن عبدالله، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال :أدركتم المبيت والعشاء" .

صحيح(م)

 

حرز آخر لحفظ الطعام من الشيطان

عن حذيفة رضي الله عنه قال: كنا إذا حضرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم طعامًا لم نضع أيدينا، حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيضع يده، وإنا حضرنا مرة طعامًا، فجاءت جارية كأنها تدفع (1) ، فذهبت لتضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها، ثم جاء أعرابي كأنما يدفع، فأخذ بيده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه. وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها، فأخذت بيدها. فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به، فأخذت بيده، والذي نفسي بيده! إن يده في يدي مع يدها".

صحيح (م)

______________________________

(1) في رواية: كأنها( تطرد) يعني: لشدة سرعتها قاله النووي، وعند مسلم رواية من حديث جابر مرفوعًا: "إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه، حتى يحضره عند طعامه، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان، فإذا فرغ فليلعق أصابعه، فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة؟"

قال النووي -رحمه الله-: فيه التحذير من الشيطان والتنبيه على ملازمته للإنسان في تصرفاته فينبغي أن يتأهب له ويحترز منه، ولا يغتر بما يزينه له

 

حرز يقوله من نزل منزلاً

عن خوْلَة بنت حكيم السُّلمية أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا نزل أحدكم منزلاً فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، فإنه لا يضره شيء (1) حتى يرتحل منه" .

صحيح (م)

______________________________

(1) قوله صلى الله عليه وسلم : "لا يضره شيء" عام، فيدخل فيه شرور الجن، والإنس، والهوام، والسباع، وغير ذلك

 

حرز يقوله من سقط عن دابته

عن رجل (1) قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فعثرت دابته فقلت: تعس الشيطان، فقال: "لا تقل تعس (2) الشيطان؛ فإنك إذا قلت ذلك تعاظم، حتى يكون مثل البيت، ويقول: بقوتي، ولكن قل: بسم الله؛ فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب".

صحيح (حم، د)

______________________________

(1) هذا الرجل صحابي، لقوله: "كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم"، فلا يضر عدم ذكر اسمه.

(2) تعس: أي هلك، ومثل هذا الكلام يوهم أن للشيطان تدخلاً في مثل ذلك. نقلاً من عون المعبود.

 

رد التثاؤب

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله، كان حقًا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله. وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع؛ فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان" .

صحيح (خ،م)

وفي رواية لمسلم: "إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم (1) ما استطاع؛ فإن الشيطان يدخل"، وفي رواية: "فليمسك بيده".

______________________________

(1) قال النووي رحمه الله- : قوله: "فليكظم" الكظم هو الإمساك، قال العلماء: أمر بكظم التثاؤب ورده، ووضع اليد على الفم لئلا يبلغ الشيطان مراده من تشويه صورته، ودخول فمه، وضحكه منه.

 

ترك الخلوة بالنساء (1)

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ".. ولا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما.." .

صحيح (حم، ابن حميد)

______________________________

(1) اللواتي لسن بمحارم.

 

حرز يقال عند الجماع

عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله (1) ، قال: باسم الله، اللهم! جنبنا (2) الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك، لم يضره شيطان أبدًا" (3) .

صحيح (خ،م)

وفي رواية في الصحيح كذلك: "ولم يسلط عليه" .

______________________________

(1) أي يجامع أهله.

(2) في رواية"جنبني".

(3) قيل: المعنى لم يفتنه عن دينه، ويرده إلى الكفر ،وليس المراد عصمته من المعصية، فإن كل بني آدم خطاء، وقيل: لم يضره بمشاركة أبيه في جماع أمه، وقيل: المراد لم يطعن في خاصرته عند ولادته.

قلت: ويرد الأخير قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من مولود يولد إلا ويطعن الشيطان.. إلا ما كان من مريم وابنها". وفي الحديث الإشارة إلى ذكر الله ودعائه والاستعاذة من الشيطان، والتبرك باسم الله، والاستعاذة به من جميع الأسواء وفيه الاستشعار بأنه الميسر لذلك العمل والمعين عليه، وفيه إشارة إلى أن الشيطان ملازم لابن آدم لا ينطرد عنه إلا إذا ذكر الله.

 

الآيتان الأخيرتان من سورة البقرة حرز من الشيطان

عن أبي مسعود الأنصاري، قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من قرأ هاتين الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة، كفتاه" (1) .

صحيح (خ،م)

وعن النعمان بن البشير رضي الله عنه قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: "إن الله تبارك وتعالى كتب كتابًا قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام، وأنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا تقرآن في دار فيقربها شيطان ثلاث ليال".

صحيح(ك)

______________________________

(1) قيل في شرح الحديث جملة أقوال، أحدها: أنهما كفتاه شر الشيطان..

 

حرز عند النوم

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان إذا أخذ مضجعه نفث في يديه وقرأ بالمعوذات (1) ،ومسح بهما جسده.

صحيح "خ"

______________________________

(1) المراد بالمعوذات هنا: قل هو الله أحد، والمعوذتين .

 

حرز آخر عند النوم "آية الكرسي"

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان ، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته، وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "يا أبا هريرة! ما فعل أسيرك البارحة؟" قال: قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً، فرحمته فخليت سبيله، قال: "أما إنه قد كذبك، وسيعود" ، فعرفت أنه سيعود؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيعود، فرصدته، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعني فإني محتاج، وعلي عيال، لا أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا أبا هريرة ما فعل أسيرك؟" قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً، فرحمته، فخليت سبيله، قال: "أما إنه قد كذبك، وسيعود" ، فرصدته الثالثة، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا آخر ثلاث مرات، إنك تزعم لا تعود ثم تعود, قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت: ما هن؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم) حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان، حتى تصبح. فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما فعل أسيرك البارحة؟" قلت: يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله، قال: "ما هي؟" قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) ، وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح- وكانوا أحرص شيء على الخير- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب مذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟" قال: لا. قال: "ذاك شيطان" .

صحيح (خ،ت)

 

ومن الحروز للرؤيا

عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئًا يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات، وليتعوذ بالله من شرها، فإنها لن تضره" . فقال: إن كنت لأرى الرؤيا أثقل علي من جبل. فما هو إلا أن سمعت بهذا الحديث. فما أباليها.

صحيح (خ،م)

وفي رواية: "فليبصق عن يساره حين يهب من نومه ثلاث مرات" .

وفي أخرى: "وليتحول عن جنبه الذي كان عليه" .

وفي ثالثة: "ولا يخبر بها أحدًا. .".

وفي رابعة: "فإن رأى أحدكم ما يكره، فليقم فليصل، ولا يحدث بها الناس" .

وكل هذه الروايات عند مسلم، وعند غيره أيضًا.

وفي رواية من طريق أبي سلمة قال: إن كنت لأرى الرؤيا تمرضني، قال: فلقيت أبا قتادة. فقال: وأنا كنت لأرى الرؤيا فتمرضني. حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الرؤيا الصالحة من الله، فإذا رأى أحدكم ما يحب، فلا يحدث بها إلا من يحب، وإن رأى ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثاً، وليتعوذ بالله من شر الشيطان وشرها، ولا يحدث بها أحدًا فإنها لن تضره"

صحيح (خ،م)

وعن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها، فإنها هي من الله، فليحمد الله عليها، وليحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره، فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد، فإنها لا تضره"

صحيح(خ)

عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثًا، وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثًا، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه" .

صحيح (م)

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا، ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءًا من النبوة، والرؤيا ثلاثة، فرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره، فليقم فليصل، ولا يحدث بها الناس ".

صحيح (م)

 

الاستعاذة من تخبط الشيطان عند الموت

عن أبي اليسر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم إني أعوذ بك من التردي، والهدم، والغرق، والحريق، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبرًا، وأعوذ بك أن أموت لديغًا".

صحيح (ن,د)

 

اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لا يجعل أحدكم للشيطان شيئًا من صلاته، يرى أن حقًا عليه أن لا ينصرف، إلا عن يمينه، لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا ينصرف عن يساره.

صحيح (خ،م)

______________________________

(1) وقد قال الله تبارك وتعالى: ( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) [طه: 123].

 

حاصل الأمر في الرقية وما يدفع به المس، وما يتحصن به العبد مما تقدم يتلخص أن مما يدفع به المس وكيد الشيطان، وما يتحصن به العبد، هو على وجه الإجمال: تقوى الله -سبحانه وتعالى-، وحسن التوكل عليه، ثم الإكثار من ذكر الله -عز وجل-، والالتجاء إليه، والاعتصام به، والتعوذ به-كذلك- من الشيطان الرجيم، والمحافظة على الوضوء والصلاة فرضًا ونفلاً، والمحافظة على الأذكار الموظفة، كأذكار الصباح والمساء، والدخول والخروج، والسور والآيات، وسائر الأذكار، فإن في هذا الشفاء كل الشفاء، وإن طال الأمد واشتد البلاء.

 

وهذا مزيد مما ورد في الرقية من صحيح الأخبار ومحكم الآيات. العلاج بدعاء الله عز وجل فإن أمر الشفاء كله بيديه، ومن ثم قال الخليل إبراهيم صلى الله عليه وسلم: ( وإذا مرضت فهو يشفين( [ الشعراء: 80].

وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى المريض يدعو له.. قال: "أذهب البأس، رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا" ، وفي رواية أبي بكر: فدعا له، وقال: "وأنت الشافي" .

صحيح (خ،م)

وقال الله تبارك وتعالى: (وإن يمسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو(. [يونس:107].

وقال الله تبارك وتعالى: ( قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المُتَوَكِّلُونَ) [ الزمر:38].

وقال تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) [ غافر: 60].

وقال سبحانه: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) [ البقرة:186].

وعن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى. قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إني أصرع ،وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: "إن شئت صبرت ولك الجنة (1) ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك" (2) . قالت: أصبر.. قالت: فإني أتكشف, فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها.

صحيح (خ،م)

______________________________

(1) فيه عزاء وتسلية للمبتلى، الذي طال سقمه وبلاؤه، فقد يطول البلاء بشخص، والله سبحانه وتعالى يدخر له الأجر، وجميل الثواب..

(2) قال الحافظ بن حجر رحمه الله تعالى- "فتح الباري": وفيه أن علاج الأمراض كلها بالدعاء والالتجاء إلى الله، أنجح وأنفع من العلاج بالعقاقير، وأن تأثير ذلك، وانفعال البدن عنه، أعظم من تأثير الأدوية البدنية، ولكن إنما ينجح بأمرين:

أحدهما: من جهة العليل، وهو صدق القصد.

والآخر: من جهة المداوي، وهو قوة توجهه، وقوة قلبه، بالتقوى والتوكل على الله، والله أعلم.

 

وقد سحر النبي صلى الله عليه وسلم فما كان منه إلا الدعاء الكثير المتواصل

عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي من يهود بني زريق. يقال له لبيد بن الأعصم، قالت: حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه يفعل الشيء، وما يفعله، حتى إذا كان ذات يوم، أو ذات ليلة، دعا رسول الله ثم دعا، ثم دعا، ثم قال: "يا عائشة! أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه؟ جاءني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي، أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب (1) ،قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم. قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة (2) ،قال: وجب (3) طلعة ذكر، قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذي أروان " (4) .

قالت: فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه، ثم قال: "يا عائشة! والله لكان ماءها نقاعة الحناء (5) ، ولكأن نخلها رؤس الشياطين" .

قالت : فقلت: يا رسول الله! أفلا أحرقته؟ قال: "لا. أما أنا فقد عافاني الله، وكرهت أن أثير على الناس شرًا، فأمرت بها فدفنت" .

صحيح (خ،م)

______________________________

(1) مطبوب : مسحور.

(2) المشاطة: هي الشعر المتساقط من الرأس واللحية عند تسريحهما .

(3) الجب: هو الوعاء، يعني وعاء طلع النخل، وهو الغشاء الذي يكون عليه.

(4) ذي أروان: ورد أيضًا "ذروان" هي بئر بالمدينة في بستان بني زريق.

(5) نقاعة الحناء: هي الماء الذي نقعت فيه الحناء.

 

الرقية وطرد الشيطان ببعض سور الكتاب العزيز

وابتداًء بالقرآن كله شفاء.. قال الله تبارك وتعالى: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) [ يونس:57]. وقال تعالى: ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) [ الإسراء: 82].

إلا أن هناك بعض السور أبلغ من بعض في هذا الباب فمن ذلك ما يلي:

 

سورة البقرة

تقدم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة"

صحيح (م)

عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اقرأوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، اقرأوا الزهراوين (1) : البقرة وسورة آل عمران؛ فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان (2) ، أو كأنهما فرقان من طير صواف (3) تحاجان عن أصحابهما (4) . اقرأوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها (5) البطلة" .

صحيح (م)

قال معاوية -وهو أحد الرواة-: بلغني أن البطلة: السحرة.

وتقدم أيضًا ما ورد في فضل آية الكرسي والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، وكيف أنهما حرز من الشيطان.

______________________________

(1) [الزهراوين]: سميتا الزهراوين لنورهما، وهدايتهما، وعظيم أجرهما.

(2) [ كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان] قال أهل اللغة: الغمامة والغيابة: كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه، سحابة وغبرة وغيرهما، قال العلماء: المراد أن ثوابهما يأتي كغمامتين.

(3) [ كأنهما فرقان من طير صواف] وفي الرواية الأخرى: كأنهما حزقان من طير صواف، الفرقان والحزقان، معناهما واحد، وهما: قطيعان وجماعتان، وقوله: من طير صواف، جمع صافة، وهي من الطيور ما يبسط أجنحتها في الهواء.

(4) [ تحاجان عن أصحابهما] أي: تدافعان الجحيم والزبانية، وهو كناية عن المبالغة في الشفاعة.

(5) [ولا تستطيعها] أي: لا يقدر على تحصيلها. نقلاً من حاشية مسلم، انظر في محمد فؤاد.

 

الرقية بالمعوذات

أما المعوذات فشأنها عظيم، فلا ينبغي العدول عنها، بل يلزم الإكثار منها، وقد تقدم شيء من فضلها، ومما ورد في شأنها أيضًا:

حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات، وينفث، فلما اشتد وجعه كنت اقرأ عليه، وأمسح عنه، بيده، رجاء بركتها.

صحيح (خ،م)

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله، نفث (1) عليه بالمعوذات, فلما مرض مرضه الذي مات فيه، جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه؛ لأنها كانت أعظم بركة من يدي.

صحيح (خ،م)

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط؟ قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس" .

صحيح (م)

______________________________

(1) النفث: نفخ لطيف بلا ريق .

 

الرقية بفاتحة الكتاب

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن أناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر، فمروا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فلم يضيفوهم، فقالوا لهم: هل فيكم راق؟ فإن سيد الحي لديغ أو مصاب. فقال رجل منهم: نعم، فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب، فبرأ الرجل، فأعطي قطيعًا (1) من غنم، فأبى أن يقبلها، وقال: حتى أذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم , فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له, فقال: يا رسول الله والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب، فتبسم، وقال: "وما أدراك أنها رقية؟" . ثم قال (2) : "خذوا منهم واضربوا لي بسهم معكم" .

صحيح (خ،م)

______________________________

(1) في رواية: "فأعطوه غنمًا، وسقونا لبنًا" .

(2) في رواية: "اقسموا واضربوا لي بسهم معكم".

 

صور أخرى من الرقى

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرقي بهذه الرقية "أذهب البأس رب الناس، بيدك الشفاء، لا كاشف له إلا أنت" .

صحيح (خ،م)

وعنها رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا اشتكى منا إنسان، مسحه بيمينه، ثم قال: "أذهب البأس، رب الناس ،واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا (1) "

فلما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وثقل: أخذت بيده لأصنع به نحو ما كان يصنع، فانتزع يده من يدي. ثم قال: "اللهم! اغفر لي واجعلني مع الرفيق الأعلى" .

قالت: فذهبت أنظر، فإذا هو قضى.

صحيح (م)

وعن عبدالعزيز قال: دخلت أنا وثابت على أنس بن مالك، فقال ثابت: يا أبا حمزة اشتكيت، فقال أنس: ألا أرقيك برقية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى، قال: اللهم رب الناس، مذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت، شفاء لا يغادر سقمًا.

صحيح(خ)

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كانت به قرحة أو جرح، قال النبي صلى الله عليه وسلم بإصبعه هكذا، ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعه: "باسم الله، تربة أرضنا، بريقة (2) بعضنا ليشفى به سقيمنا، بإذن ربنا"

صحيح (خ،م)

وفي رواية : "ليُشفى سقيمنا" .

عن عثمان بن أبي العاص الثقفي، أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعًا، يجده في جسده منذ أسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ضع يدك على الذي تألم من جسدك، وقل: باسم الله ثلاثًا، وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر" (3)

صحيح (م)

______________________________

(1) لا يغادر: لا يترك.

(2) [أرضنا بريقة] قال جمهور العلماء: المراد بأرضنا هنا، جملة الأرض، وقيل: أرض المدينة خاصة لبركتها، والريقة أقل من الريق، ومعنى الحديث أنه يأخذ من ريق نفسه على أصبعه السبابة، ثم يضعها على التراب فيعلق بها منه شيء، فيمسح به على الموضع الجريح، أو العليل، ويقول هذا الكلام في حال المسح.

(3) أخرج ابن ماجة بسند صحيح عن عثمان بن أبي العاص، قال: لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف، جعل يعرض لي شيء في صلاتي، حتى ما أدري ما أصلي، فلما رأيت ذلك رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ابن أبي العاص؟ " قلت: نعم يا رسول الله، قال: "ما جاء بك؟" قلت: يا رسول الله عرض لي شيء في صلواتي، حتى ما أدري ما أصلي، قال: "ذاك شيطان ادنه"، فدنوت منه فجلست على صدور قدمي قال: فضرب صدري بيده، وتفل في فمي، وقال: "اخرج عدو الله" ففعل ذلك ثلاث مرات، ثم قال: "الحق بعملك". قال: فقال عثمان: فلعمري ما أحسبه خالطني بعد..

 

رقية جبريل عليه السلام

عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كان إذا اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم رقاه جبريل، قال: باسم الله يبريك، ومن كل داء يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد، وشر كل ذي عين.

صحيح(خ،م)

عن أبي سعيد أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! اشتكيت؟ فقال: "نعم" ، قال: باسم الله أرقيك, من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسدٍ الله يشفيك، باسم الله أرقيك.

صحيح(م)

 

الرقية من العين

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين.

صحيح(خ,م)

عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين (1) ، وإذا استغسلتم فاغسلوا" .

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه يقول: رخص النبي صلى الله عليه وسلم لآل حزم في رقية الحية، وقال لأسماء بنت عميس: "مالي أرى أجسام بني أخي (2) ضارعة (3) تصيبهم الحاجة"، قالت: لا، ولكن العين تسرع إليهم، قال: "ارقيهم"، قالت: فعرضت عليه، فقال: "ارقيهم".

عن أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجارية في بيت أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، رأى بوجهها سفعة (4) ، فقال: "بها نظرة (5) ،فاسترقوا لها" يعني: بوجهها صفرة.

______________________________

(1) [ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين] فيه إثبات القدر، وهو حق، بالنصوص وإجماع أهل السنة، ومعناه: أن الأشياء كلها بقدر الله تعالى، ولا تقع إلا على حسب ما قدرها الله تعالى وسبق بها علمه، فلا يقع ضرر العين، ولا غيره من الخير والشر إلا بقدر الله تعالى، وفيه صحة أمر العين، وإنها قوية الضرر.

(2) يعني أبناء جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه.

(3) ضارعة: أي نحيفة.

(4) [السفعة] قد فسرها في الحديث بالصفرة، وقيل: سواد، وقال ابن قتيبة: هي لون يخالف لون الوجه.

(5) [نظرة] النظرة هي: العين، أي: أصابتها عين، وقيل: هي المس أي مس الشيطان.

 

طلب الاغتسال من العائن وصب الماء على المصاب

تقد م حديث ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: "إذا استغسلتم فاغتسلوا" .

عن أبي أمامة ابن سهل بن حنيف قال: رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة!! فلبط سهل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل: يا رسول الله، هل لك في سهل ابن حنيف، والله ما يرفع رأسه (1) ، فقال: "هل تتهمون أحدًا؟" قالوا: نتهم عامر بن ربيعة، قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرًا فتغيظ عليه، وقال: "علام يقتل أحدكم أخاه ألا بركت (2) ؟ اغتسل له". فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه، وداخلة إزاره في قدح، ثم صب عليه فراح سهل مع الناس ليس به بأس.

صحيح لغيره (حم,ن,جه)

وفي رواية أن عامر بن ربيعة قال: ما رأيت كاليوم ولا جلد عذراء، قال: فوعك سهل مكانه، واشتد وعكه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر أن سهلاً وعك، وأنه غير رائح معك يا رسول الله..

______________________________

(1) في رواية: "والله ما يرفع رأسه وما يفيق"، وفي رواية: "أدرك سهلاً صريعًا".

(2) وفي رواية: "إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة".

 

الرقية من ذوات السموم

عن أنس رضي الله عنه قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية من العين، والحمة (1) ، والنملة (2) .

صحيح(م)

عن عبدالرحمن ابن الأسود وعن أبيه، قال: سألت عائشة عن الرقية؟ فقالت: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل بيت من الأنصار، في الرقية، من كل ذي حمة.

صحيح(خ,م)

وعمومًا.. فقد ورد في صحيح مسلم من حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله! كيف ترى في ذلك؟ فقال: "اعرضوا علي رُقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك" .

صحيح(م)

وعن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى، فجاء آل عمرو بن حزم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! إنه كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب، وإنك نهيت عن الرقى. قال: فعرضوها عليه. فقال: "ما أرى بأسًا من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه" .

صحيح(م)

وفي رواية عن جابر رضي الله عنه قال: أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في رقية الحية لبني عمرو، قال أبو الزبير: وسمعت جابر بن عبدالله يقول: لدغت رجلاً منا عقرب ونحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رجل: يا رسول الله! أرقي؟ قال: "من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل" .

صحيح(م)

وفي رواية أخرى عنه أيضًا رضي الله عنه قال: كان لي خال يرقي من العقرب، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى، قال: فأتاه فقال: يا رسول الله! إنك نهيت عن الرقى، وأنا أرقي من العقرب، فقال: "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل" .

______________________________

(1) الحمة: المراد بها هنا ذوات السموم.

(2) النملة :قروح تخرج من الجنب.

 

التحذير من إتيان السحرة والكهان وبيان كذبهم

قال الله تبارك وتعالى: (ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ) [ البقرة:102].

وقال سبحانه: ( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر) [البقرة:102].

وقال صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل منه صلاة أربعين ليلة" .

صحيح(م)

وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الملائكة تتحدث في العنان، -والعنان: الغمام -بالأمر يكون في الأرض، فتستمع الشياطين الكلمة فتقرها في أذن الكاهن كما تقر القارورة، فيزيدون معها مائة كذبة" .

صحيح(خ)

 

الإكثار من الاستغفار

فالبلايا والمصائب تنزل وتحل بسبب الذنوب في كثير من الأحيان، كما قال تعالى: ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) [ الشورى:30].

والاستغفار يدفع هذه المصائب والبلايا، كما قال تعالى: ( وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) [ الأنفال:33].

وقال هود عليه السلام لقومه: (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارًا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين) [هود:52].

فجدير بكل من وقع في بلاء أو فتنة أن يكثر من الاستغفار والتضرع، حتى يدفع الله عنه البلاء والفتن، فقد قال تعالى: (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا) [الأنعام:43]. وكذلك فلترد المظالم إلى العباد، فدعوة المظلوم تستجاب، وتجلب البلاء.

 

فضل حسبنا الله ونعم الوكيل

قال الله تعالى: ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ * فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوَهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) [ آل عمران: 173-175].

وفي صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل" قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: (إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) [آل عمران: 173].

فحسبنا الله ونعم الوكيل تكفي من كل شيء سواء من أذى ظاهر أو من عدو خفي، أو من شر حاسد، أو إضلال شيطان، أو غير ذلك.

 

وختامًا

فالاعتصام بالله والالتجاء إليه، والتعوذ به وذكره، وتلاوة كتابه وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، واتباع رسله، ذلك رأس كل خير، والدافع لكل شر، قال الله تعالى: ( ومن يعتصم بالله فقد هُدي إلى صراط مستقيم)[ آل عمران: 101]. وقال سبحانه: ( قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون) [ الزمر:38].

عصمنا الله والمسلمين والمسلمات، من كل مكروه وسوء، وحفظ علينا ربنا ديننا وإيماننا، وجمعنا الله بنبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى جنة الخلد التي أعدت للمتقين.

وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه أبو عبد الله/ مصطفى العدوي

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق