الأربعاء، 29 مارس 2017
الرد على إنكار النسخ في القرآن
الرد على إنكار النسخ في القرآن
مقال لأبي حب الله
وفيه :
1)) معنى كلمة النسخ .. والمراد بها في القرآن ...
2)) أهمية معرفة المسلمين للنسخ في القرآن ...
3)) هل النسخ في القرآن يعني البداءة على الله ؟..
4)) هل يوجد في دين اليهود والنصارى المحرفين نسخ وبداءة ؟
5)) ثبوت النسخ في القرآن ... وشمول كلمة آية : لآيات القرآن
6)) أنواع النسخ في القرآن ...
7)) أمثلة على النسخ في القرآن ...
8)) ما الحكمة من النسخ في القرآن ...
9)) هل يوجد نسخ في السنة ؟.. وهل تنسخ السنة القرآن أو العكس ؟
10)) خاتمة ....
ونبدأ بحول الله وقدرته ...
---------
1)) معنى كلمة النسخ .. والمراد بها في القرآن ...
النسخ في اللغة : هو محو الشيء وإزالته .. سواء أتيت بغيره بدلا عنه أو لا ... فهي
من جهة تحمل معنى الإبطال والإزالة .. ومن الجهة الأخرى تحمل معنى الإثبات وعمل
مثل الأصل !
فيقال مثلا ً: نسخ الشيء نسخا ً: أي أزاله ... وذلك مثل قولهم : نسخت الريحُ آثار
الديار .. ونسخت الشمسُ الظل .. ونسخ الشيبُ الشباب .. ويقال أيضا ً: نسخ الله
الآية : أي أزال حكمها الشرعي السابق .. ويقال كذلك : نسخ الحاكمُ الحكم أو
القانون : أي أبطله ...
وأخيرا ًيقال : نسخ فلان ٌالكتاب : أي نقله وكتبه حرفا ًبحرف أو صنع صورة ًمماثلة
ًمنه ..
------
فإذا فهمنا تلك المعاني ..
لاستطعنا فهم الكثير من كلام السلف والعلماء عندما يذكرون كلمة (نسخ) في كلامهم في
القرآن وغيره !
فهم تارة يذكرون النسخ على أحكام : أبطلها الله ورسوله ... وسواء جاء هذا النسخ
مرة ًواحدة ًأو متدرجا ًللتخفيف كنسخ حكم شرب الخمر ..
كقول الله تعالى مثلا ً: " لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى : حتى تعلموا ما
تقولون " ..
عُرف منه أنه يجوز شرب الخمر في غير أوقات الصلاة ..
ثم نزلت الآية الواضحة في تحريم الخمر بالاجتناب :
" إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام : رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه
" ...
وتارة يذكرون النسخ مرادفا ًلمعاني الاستثناء وتخصيص العام وتفصيل المُجمل إلخ ..!
كقول الله تعالى مثلا ًبعد أن ذكر الشرك والقتل بغير حق والزنا :
" ومَن يفعل ذلك : يلق آثاما ً.. يُضاعف له العذاب يوم القيامة : ويخلد فيه
مهانا " ..
ثم نسخ ذلك الحكم بأن استثنى منه فقال عز وجل :
" إلا مَن تاب وآمن وعمل عملا ًصالحا ً.. فأولئك : يُبدل الله سيئاتهم حسنات
" ...
وهكذا ...
--------
2)) أهمية معرفة المسلمين للنسخ في القرآن ...
عندما كان المسلم والمسلمة في الماضي يتعلمون دينهم : وما هو معلوم من الدين
بالضرورة :كانوا يعلمون بوجود النسخ في القرآن والسنة : ولا غضاضة !... ويعرفون
العديد من الأمثلة على كل نوع من أنواع النسخ .. وفي القرآن نفسه وهم يتلونه : فلا
يجدون تناقضا ًلمعرفتهم للناسخ من المنسوخ والمتقدم والمتأخر منهما .. وذلك من
الفقه ..
وكانوا يعرفون أيضا ً:
أن النسخ لم يعني أبدا ًوصف الله تعالى بالبداءة - وسوف أشرح ذلك بعد لحظات -
فانتفى بذلك الحساسية المفرطة التي تم بها استغفال جهلة المسلمين اليوم بدينهم :
وذلك عندما زرع الملاحدة والنصارى واللادينيين ومنكري السنة بشبهاتهم في رؤوسهم أن
النسخ :
من جهة : يعني البداءة على الله عز وجل وأنه كان يجهل ما لا يعلم : فقام بتغيير
أحكامه لما بدا له الأفضل ...!
ومن جهة أخرى : يعني أن آيات القرآن منها ما تغير ومنها ما لم يصلنا فتعارض ذلك مع
حفظ الله له !
أقول :وكل ذلك سأبين بعد قليل بطلانه إن شاء الله تعالى ...
ولكن ما أردت فقط تبيانه الآن هو :
أنه يجب على عوام المسلمين - اليوم - أن يعرفوا من جديد ما لم يعد يتعلمونه لا في
مدارس ولا غيره ! فسقطوا بذلك في شباك شبهات الملاحدة والنصارى واللادينيين ومنكري
السنة الخبثاء .. ولو علموا وتعلموا : لاستطاعوا الرد بكل سهولة بإذن الله على
شبهاتهم الساقطة جميعا ً...
وهذا ما سنحاول فعله وتعلمه الآن إن شاء الله ...
-------
3))
هل النسخ في القرآن يعني البداءة على الله ؟..
البداءة في عالم البشر : هي أن يحكم الإنسان بشيء : ثم يبدو له
خطأ ذلك الحكم مما لم يكن يعلمه :
فيستبدله بغيره أو يزيله ..!!
والسؤال :
هل تجوز البداءة في حق الله تعالى عالم الغيب والشهادة ؟...
والجواب :
هذا ما يقوله الجُهال والمغرضون عندما يربطون بين النسخ : وبين البداءة بالمعنى
الذي وضحناه !!!..
والصواب :
أن ذلك منهم هو من الخبث بمكان : حيث قصروا معنى النسخ في خطأ الحكم وتصحيحه أو
إلغائه : في حين أن له معان ٍأخرى : هي أظهر في نسبة النسخ إلى الله عز وجل مثل :
نسخ الحكم الأصعب بأيسر : وذلك من باب التخفيف على المسلمين .. وتذكيرهم بفضل الله
عليهم ..
التدرج في تحريم ما تعلقت به قلوب الناس في الجاهلية - مثل الخمر وزواج المتعة
مثلا ً- رحمة ًبهم ..
نسخ الحكم الأدنى : بآخر أعلى منه أجرا ًوأفضل : مثل تحويل القبلة من بيت المقدس
للبيت الحرام ..
نسخ حكم عام من القرآن بتفصيله في السنة أو الاستثناء منه : وفيه بيان فضل وأهمية
السنة للمسلمين ..
وهكذا ..... - وسوف أذكر جمعا ًجميلا ًللحِكم من النسخ وأنواعه في النقطة 8 بإذن
الله - ..
والشاهد :
أنه لا يوجد عالم محترم من علماء الإسلام القائلين بالنسخ : قد فهم من النسخ
(البداءة) على الله عز وجل كما يحاول المرجفون والكذابون ربط ذلك بذا ...! وأتحدى
أي مخبول من هؤلاء أن يأتي بكلام لعالم مسلم محترم يقول بـ (البداءة) على الله عز
وجل
ولن يأتوا ......
--------
4)) هل يوجد في دين اليهود والنصارى المحرفين نسخ وبداءة ؟
>>> أما بالنسبة لليهود :
فهم يدعون عدم جواز النسخ على الله : لأن النسخ - هكذا قصروه - : يعني جهل الله
وبدو ما كان خافيا ًعنه !!!.. وأما غرضهم أولئك الخبثاء من ذلك : هو التملص من نسخ
الله تعالى شرعهم بغيره .. وأحكامهم بغيرها .. والأهم : نسخ رسالتهم بغيرها :
فيخدعون أنفسهم والناس بذلك : لتبرير عدم اتباعهم لعيسى أو محمد عليهم الصلاة والسلام
!!!!...
والصواب :
أنه معلوم من كتبهم نفسها (التوراة أو العهد القديم) : أن كل رسول وكل رسالة تأتي
: يكون في أحكامها ما ينسخ ما قبلها .. وذلك لأن النسخ عند الله تعالى يجري بمقتضى
حكمته عز وجل : بما يناسب كل قوم وكل أمة وكل زمان !!!.. فالأحكام الجديدة الناسخة
: هي الأفضل في وقتها وظروفها ومكانها .. وتماما ًكما كانت الأحكام القديمة
المنسوخة : هي الأفضل في وقتها وطروفها ومكانها !!..
هذا من جهة ...
وأما من الجهة الأخرى العملية - وبالأمثلة - : فهناك نسخ كثير بالفعل عند اليهود
الذين ينكرونه !
1...
فمن النسخ مثلا ًأن الطعام كله كان حلا ًلهم : إلا ما حرمه إسرائيل على نفسه (أي
نبي الله يعقوب عليه السلام حيث حرم على نفسه أكل الإبل وألبانها) .. ثم حرم الله
عليهم أيضا ًبعض الطيبات :
جزاءً لهم ولذنوبهم .. وكل ذلك ذكره القرآن عليهم بوضوح : وهو عين نسخ الأحكام
!!!..
2...
نسخ حكم جواز تزويج الأخ والأخت في أولاد وبنات آدم عليه السلام .. حيث كان مقتضى
الحكم وقتها أن يُزوج ابنا ًمن بطن (أي من الولادة الأولى) : إلى أخته من البطن
الثانية : والعكس ... ولكن بعد انتشار البشر في الأرض : نسخ ذلك الحكم بالتحريم
...
3...
يحرم في التوراة الحالية تسري الزوج على زوجته : في حين أنه ثابت لديهم أن إبراهيم
عليه السلام تسرى بهاجر على زوجته سارة .. وهذا هو عين النسخ لو كانوا يعلمون
!!!..
4...
أيضا ًيحرم في التوراة الحالية - وكما الإسلام - جمع الزوج بين الأختين معا
ًبالزواج .. في حين أنه ثابت لديهم أيضا ًزواج يعقوب عليه السلام من أختين في نفس
الوقت ! وذلك أيضا ًدليل على النسخ !
5...
كان مباحا ًلنوح عليه السلام أكل كل الحيوانات بعد خروجه من السفينة : ثم نسخ ذلك
بتحريم بعضها !
6...
أوحى الله تعالى لنبيه إبراهيم عليه السلام ذبح ولده البكر - هو عندنا إسماعيل وقد
حرفوه إلى إسحاق عليهما السلام - ثم نسخ الله تعالى ذلك قبل الذبح مباشرة : عندما
تم الاختبار ونجح فيه إبراهيم وولده !
7...
كما أمر الله تعالى بقتل كل مَن عبد العجل الذهبي من بني إسرائيل بعد عبورهم البحر
.. وذلك لبيان عظيم جرمهم لهم وأنه مستحق لقتلهم واستئصالهم جميعا ً: فلما أذعنوا
لطاعة الأمر : نسخ ذلك
8...
البشارات التي تمتليء بها كتبهم منذ إبراهيم عليه السلام : بمجيء النبي الملك
والخاتم : والذي يحمل الشرع الكامل ويتحدث بكل ما سيقوله له الله : كل ذلك يعني
لكل عاقل : أنه سيأتي بنسخ لشريعتهم !
9...
فهذا كله يثبت النسخ عند اليهود - والنصارى أيضا ًمن المفترض أنهم يؤمنون بالتوراة
أو العهد القديم -
بل :
والأحرى باهل الكتاب أن يستحيوا من انتقاصاتهم (الصريحة) على الله تعالى وحاشاه في
كتبهم : بما لا محل له من تأويل ولا تهرب : وهو أسوأ وأقبح من معنى البداءة الذي
أرادوا لصقه بالنسخ زعموا !!!!!..
فالله عندهم يتعب ويستريح بعد خلق السماوات والأرض - عكس القرآن ! - !!!.. وانظروا
للنص التالي رغم تعمد سوء الترجمة من محرفي النصارى :
" وفرغ الله في اليوم السادس من عمله : فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله
الذي عمل !!!.. وبارك الله السابع وقدسه : لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل
الله خالقاً " سفر التكوين الإصحاح الثاني ..
وأيضا ًوصفه بالجهل بالغيب .. والحزن على ما جهل !!!..
" فحزن الرب أنه عمل الإنسان !!!.. وأن كل تصور أفكار قلبه : إنما هو شرير كل
يوم !!.. فحزن الرب أنه عمل الإنسان الذي خلقته !!.. الإنسان مع بهائم ودبابات
وطيور السماء : لأني حزنت أنى عملتهم " !! سفر التكوين الإصحاح السادس ..!
فالله أصلا ًفي العهد القديم لدى اليهود والنصارى : قد صار بالتحريف كالإنسان في
نقص صفاته !!!.. حتى جعلوه يتصارع مع يعقوب عليه السلام يدا ًبيد !!!.. هل تصدقون
هذا ؟!!.. ولم يتركه يعقوب عليه السلام - زعموا - إلا عندما نال بركته منه - وهي
تسميته له بإسرائيل - !!!..
" فبقي يعقوب وحده .. وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر !!.. ولما رأى أنه لا يقدر
عليه ضرب حق فخذه ! فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه ! وقال : أطلقني ! .. فقال
: لا أطلقك إن لم تباركنى !.. فقال له : ما اسمك ؟ فقال : يعقوب .. فقال : لا
يُدعى اسمك في ما بعد يعقوب !!.. بل إسرائيل ..! وسأل يعقوب وقال : أخبرني باسمك
؟!!.. فقال : لماذا تسأل عن اسمي ؟.. وباركه هناك ....! فدعا يعقوب اسم المكان :
فينيئل .. قائلاً : لأني نظرت الله وجهاً لوجه : ونجيت نفسى " ..!
ما شاء الله ....!
هذا غير ندم الله على الطوفان .. وأنه كان من الثلاثة الذين زاروا إبراهيم في هيئة
بشر : فضيفهم : فأكلوا ! ثم بشره بولادة إسحق : ثم يعقوب - والواقعة في القرآن هي
لثلاثة ملائكة : ولم يأكلوا أصلا ً!! - :
" وظهر له الرب ..! ونظر : وإذا ثلاثة رجال .. وقال : يا سيد (يقصد الله) :
إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك : فلا تتجاوز عبدك ..! فأسرع إبراهيم إلى الخيمة إلى
سارة وقال : اعجني واصنعي خبز ملة .. ثم ركض إبراهيم إلى البقر : وأخذ عجلاً رخصاً
وحيداً .. وأعطاه للغلام .. فأسرع ليعمله .. ثم أخذ زبداً ولبناً والعجل الذي عمله
: ووضعها قدامهم .. وإذا كان هو واقفاً لديهم تحت الشجرة : أكلوا !! وقالوا له
...... " سفر التكوين الإصحاح الثامن عشر !!!..
والشاهد ...
مثل هؤلاء السفهاء : لا يحق لهم أصلا ًالحديث عن النسخ : أو حتى اتهام الله في
الإسلام بالبداءة !!!!..
>>> وأما بالنسبة للنصارى :
فالأمر أكثر عجبا ً- بالزيادة عما سبق - .. حيث يزعم بابواتهم ورؤساؤهم أن المسيح
- ابن الله أو الله بزعمهم - قد أوكل إليهم وفوضهم للتحليل والتحريم ونسخ وتغيير
الأحكام !!!!!..
وذلك كما جاء في إنجيل متى الإصحاح الثامن عشر :
" الحق أقول لكم : كل ما تربطونه على الأرض : يكون مربوطا ًفي السماء .. وكل
ما تحلونه على الأرض : يكون محلولا ًفي السماء " !!!..
ومن هنا كان فتح باب التحريف في أحكام الله تعالى و ( نسخها ) لا اعتراض عليه من
أكابرهم وخاصة ًكبير محرفيهم : بولس اليهودي !!!.. حتى وصل به الأمر لأمره لهم
بترك الختان (عهد الله مع إبراهيم عليه السلام والمؤمنين من بعده) ولم يعده شيئا
ً!!!.. وكذلك تحليل أكل لحم الخنزير النجس والخمر المسكر إلخ
وعلى هذا :
فأمثال هؤلاء السفهاء المحرفين المتخبطين في دينهم هم أيضا ً: لا وجه لهم للحديث
عن النسخ في الإسلام : أو اتهام الله تعالى في الإسلام بالبداءة ...!
--------
5))
ثبوت النسخ في القرآن ... وشمول كلمة آية : لآيات القرآن
مما سبق يمكننا تعريف النسخ شرعا ًبأنه :
هو رفع ( أو استبدال ) حكم شرعي : بدليل من الكتاب أو السنة ...
وقد ألحق بعض العلماء بالنسخ : معاني الاستثناء والتخصيص والتفصيل : سواء في نفس
الآية أو في غيرها .. والنسخ يكون في الأحكام والشرائع فقط : ولا يكون مثلا ًفي
القصص والإخبار ونحوه ... فلا يمكن مثلا ًأن نقول في آية أن هارون أخو موسى : ثم
ننسخ ذلك في آية أخرى بأنه كان أبوه مثلا !
----
وقد ذكر الله تعالى النسخ في الآيات التاليات : حيث يقول عز وجل :
" ما ننسخ من آية أو ننسها .. نأتِ بخيرٍ منها أو مثلها .. ألم تعلم أن الله
على كل شيء قدير " ؟!.. البقرة – 106 ..
" وإذا بدلنا آية مكان آية .. قالوا إنما أنت مُفتر ِ .. بل أكثرهم لا يعلمون
.. قل : نزله روح القدس من ربك بالحق : ليُثبت الذين آمنوا " .. النحل – 101
: 102 ..
" سنقرئك فلا تنسى .. إلا ما شاء الله " .. الأعلى – 6 : 7 ..
----
ورغم وضوح ذكر النسخ في الآيات ووقوعه : إلا أن منكريه أرادوا قصر معناه على شيء
بعيد (فقط) وهو : أن الآيات التي سيستبدلها الله تعالى هي معجزات الأنبياء من قبل
: بأن يعطي للنبي مثلها أو أفضل منها : أو أن الآيات التي ستستبدل هي آيات أحكام
في الشرائع السابقة : سيتم استبدالها في الإسلام ...
أقول :
وهذا تعنت ظاهر وتنطع مفضوح !!!!..
إذ : النسخ الذي يحاولون نفيه أو إنكاره في الإٍسلام نفسه : هو موجود بالفعل في
القرآن !!!!..
وبأوضح الأمثلة !!!!!!!!!..
فلماذا العناد والجهل والتعامي - اللهم إلا معترضي منكري السنة : فغرضهم الطعن في
السنة الصحيحة -
أقول :
>>>
فأما الآية الأولى :
فهي من سورة البقرة : وهي سورة مدنية أي : نزلت في المدينة وبعد هجرة النبي صلى
الله عليه وسلم .. حيث بدأت الأحكام الشرعية الإسلامية تتنزل في المدينة بكثرة :
بعكس مكة كانت أقل ...
ورغم ذلك : فمنكري النسخ يقولون أن هذه الآية - وإن كانت في المدينة - : إلا أنه
يشرحها الآياتان الأخرتان اللتان نزلتا في مكة : حيث لم تكن هناك أية أحكام شرعية
(( على الإطلاق )) هكذا يقولون ! فهل الأمر فعلا ًكذلك ؟؟؟..
>>>
في الآية الثانية : نجدها بالفعل في سورة النحل المكية .. وهي التي قال فيها عز
وجل للنبي :
" وإذا بدلنا آية مكان آية .. قالوا إنما أنت مُفتر ِ .. بل أكثرهم لا يعلمون
.. قل : نزله روح القدس من ربك بالحق : ليُثبت الذين آمنوا " .. النحل – 101
: 102 ..
أقول :
أصل الإشكال الذي اخترعه منكرو النسخ هنا : هو أنهم ظنوا (أو أوهموا أنفسهم وغيرهم
بذلك) : أنه لم يكن هناك أية أحكام في زمن مكة أو ما قبل الهجرة : ليمكن نسخها !..
وعلى ذلك بنوا شبهتهم بأن : كلمة آية أو آيات : لم تأت في القرآن على أنها آيات
المصحف وإنما : بمعنى معجزة أو معجزات ! وأن المسلمين يجب عليهم فهمها على هذا
المعنى فيما جاء في كلام الله تعالى عن النسخ !!!.. وهو أن النسخ يعني : آيات أو
معجزات الأمم والشرائع من قبلنا !!!..
أقول :
وهذا مردود عليه من عدة وجوه ...
>>>
أولا ً: وبرغم أن كلمة آية بالفعل تعني المعجزة والعلامة إلخ .. إلا أن كلمة آيات
: جاءت كثيرا ًللحديث عن آيات القرآن بالفعل !!!.. وذلك في القرآن والسنة !!..
ففي القرآن مثل قوله عز وجل :
" الر .. كتاب أ ُحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير " .. هود -1 ..
" ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته ءاعجمي وعربي " ؟!!..
فصلت - 44 ..
" هو الذي أنزل عليك الكتاب منه ءايات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات
" آل عمران - 7 ..
فهل تدل هذه الآيات هنا على شيء آخر غير جمل القرآن ؟!!!..
وكذلك أيضا ًجاء في السنة في صحيح مسلم مثلا ًقول النبي لأ ُبي بن كعب رضي الله
عنه :
" يا أبا المنذر .. أتدري أيّ آية من كتاب الله معك أعظم ؟.. قال : قلت :
{الله لا إله إلا هو الحي القيوم} قال : فضرب في صدري وقال : والله ليهنك العلم
أبا المنذر " .. أي أصاب في معرفة أعظم آية في القرآن ..
>>>
وأما الوجه الثاني للرد فهو :
ومَن قال أنه لم يكن هناك أية أحكام شرعية مطلقا ًفي مكة قبل الهجرة ؟!!!!...
ألم تشرع الخمس صلوات قبل الهجرة في معراج النبي - تقريبا ًقبل الهجرة بثلاث سنوات
- ؟!!..
ألم يكن هناك صلاة التطوع والتهجد ليلا ًبل كانت واجبة : حتى خففها الله تعالى على
المسلمين ؟
ألم يكن ذلك التخفيف هو (( نسخ )) بالمعنى المعروف ؟؟!!.. ألم يكن ما قاله الله
تعالى في ذلك التخفيف :
هو تبديل آية مكان آية ؟!!!!!!!!..
ولمَن لا يصدق :
تعالوا معا ًنقرأ فرضية قيام الليل على النبي - والتي تبعه فيها طائفة من الذين
معه - حيث قال له عز وجل :
" يا أيها المزمل : قم الليل إلا قليلا ً.. نصفه : أو انقص منه قليلا ً.. أو
زد عليه : ورتل القرآن ترتيلا ً" !!..
ثم تعالوا نقرأ نسخ هذا الحكم وتبديله للأخف في آخر آية من نفس سورة المزمل وهي
الآية 20 :
" إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل : ونصفه : وثلثه : وطائفة من
الذين معك .. والله يقدر الليل والنهار .. علم أن لن تحصوه : فتاب عليكم ..
فاقرؤوا ما تيسر من القرآن .. علم أن سيكون منكم مرضى : وآخرون يضربون في الأرض :
يبتغون من فضل الله .. وآخرون يقاتلون في سبيل الله : فاقرؤوا ما تيسر منه ..
وأقيموا الصلاة .. وآتوا الزكاة .. وأقرضوا الله قرضا حسنا .. وما تقدموا لأنفسكم
من خير : تجدوه عند الله هو خيرا : وأعظم أجرا .. واستغفروا الله : إن الله غفور
رحيم " ...!
وبذلك : يسقط تعارضهم الموهوم وشبهتهم المبنية على سراب في آية :
" وإذا بدلنا آية مكان آية .. قالوا إنما أنت مُفتر ِ .. بل أكثرهم لا يعلمون
.. قل : نزله روح القدس من ربك بالحق : ليُثبت الذين آمنوا " .. النحل – 101
: 102 ..
...............................................................
وأما الآية الثالثة : والتي أرادوا أن ينفوا فيها أن ينسى الأنبياء وخصوصا ًنبينا
محمد حينما قال تعالى :
" سنقرئك فلا تنسى .. إلا ما شاء الله " .. الأعلى – 6 : 7 ..
أقول :
النبي بشر .. ولقد تكرر في القرآن الكريم تأكيد وذكر هذا المعنى الهام في أكثر من
موضع مثل قوله :
" قل إنما أنا بشر ٌمثلكم : يوحى إليّ " .. من أواخر سورة الكهف ...
وعلى هذا : فقد جاءت الآيات والأحاديث لا تجد حرجا ًفي نسبة النسيان إلى الأنبياء
وإلى النبي محمد مثل نسيان آدم عليه السلام
" ولقد عهدنا إلى آدم من قبل : فنسي ولم نجد له عزما " طه - 115 ..
ومثل نسيان موسى عليه السلام وفتاه للحوت :
" فلما بلغا مجمع بينهما : نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا " ..
الكهف - 61 ..
ومثل قول موسى عليه السلام أيضا ًفي نفس السورة معتذرا ًللخضر :
" قال : لا تؤاخذني بما نسيت : ولا ترهقني من أمري عسرا " .. الكهف - 73
..
وأما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :
فقد جاء في الأحاديث أنه نسي في صلاته أحيانا ًعدد الركعات .. وكان ذلك لحكمة ...
ألا وهي معرفة المسلمين ماذا يفعلون إذا تعرضوا للنسيان مثله في الصلاة ...
وأما دلالة الآية من سورة الأعلى : " سنقرئك فلا تنسى : إلا ما شاء الله
" :
فلو أراد الله تعالى نفي النسيان للوحي عن النبي تماما ً: لكان اكتفى سبحانه بقوله
تعالى :
" سنقرئك فلا تنسى " .. أما وقد ذكر عز وجل مستثنيا ً: " إلا ما
شاء الله " :
فبين بذلك عدة معاني مستفادة .. من أهمها :
أن الحفاظ على الوحي النهائي الذي يريده الله تعالى للبشر : فهو راجع لمشيئة الله
تعالى وحكمته في تثبيت ما يريد : وإنساء ما يريد ..!!! وذلك إلى أن يستقر القرآن
على صورته التي ارتضاها الله ..
وعليه : فقد وضح سبحانه بهذه الآية جواز النسيان في الوحي على الرسول ولكن :
بمشيئة الله وليس بالنسيان البشري العادي للوحي .. والذي طمأن الله تعالى نبيه منه
قائلا ًله وكان يتعجل تكرار
آيات الوحي حين نزولها مخافة نسيانها :
" ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه : وقل : رب زدني علما " طه
- 114 ...
" لا تحرك به لسانك لتعجل به : إن علينا جمعه وقرآنه " القيامة - 16 :
17 ..
إذا ًنخلص من آية سورة الأعلى مع الآيتين السابقتين أيضا ًأن نسيان الوحي في حق
النبي : ممتنع إن كان من عند نفس النبي : واقع وجائز إذا كان بمشيئة الله تعالى
وكما سنرى بعد ... وهذا بالطبع - أي النسيان بالكلية - هو للآيات المنسوخة حكما
ًوتلاوة ...
وهذا يؤدي بنا للنقطة التالية وهي :
--------
6)) أنواع النسخ في القرآن ...
يقسم العلماء النسخ في القرآن إلى :
1...
آيات لم تعد موجودة في المصحف (نسخ تلاوة) ولم يعرف حُكمها (نسخ حكم) ..
وهي التي أ ُنسيت بالكلية .. فلم يثبتها جبريل للنبي في العرضة الأخيرة للقرآن قبل
موت النبي .. حيث كان جبريل يعارض النبي كل عام في رمضان عرضة ًلمراجعته القرآن :
وعارضه في العام الأخير عرضتين - ومنها عرف النبي باقتراب أجله - فالذي تم تثبيته
في هذه العرضة هو ما شاء الله حفظ القرآن عليه فيما بعد : وهو الذي يسر الله تعالى
له تجميعه وتدوينه بعد ذلك في عهد أبي بكر كما سيأتي .. ومثال هذا النوع من النسخ
: ما تم نسخه من سورة الأحزاب : حيث كان طولها يقارب البقرة !!!..
ومعلوم لدينا أن سورة الأحزاب يسميها البعض سورة (النبي) : وذلك لكثرة تعرضها
لأحوال النبي وزوجاته وبناته إلخ .. ولعل ما تم نسخه منها كان خاصا بذلك الوقت :
فأبدله الله تعالى ما يجمله بعد تفصيله آنذاك ..
والمهم : أن هذا النوع الأول من النسخ يسمى :
نسخ الحكم والتلاوة معا ً...
2...
آيات موجودة في المصحف ولكن : توقف العمل بها .. وهذا يسمى نسخ الحكم وبقاء
التلاوة ...
ومثاله : نسخ الله لبقاء المتوفى عنها زوجها سنة ًكاملة ً: إلى أربعة أشهر وعشرا
ًوبقت الآية :
" والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً : وصية ًلأزواجهم متاعاً إلى الحول غير
إخراج " البقرة 240 ..
وتركها الله عز وجل بيانا ًللتخفيف على المسلمات من بعض ما كان يجري قبل الإسلام
عليهن ..
وهذا النوع من النسخ يسمى :
نسخ الحكم : مع بقاء التلاوة ..
3...
آيات لم تعد موجودة في القرآن : ولكن حكمها باقي .. وفي ذلك النوع من النسخ دلالة
على أهمية اطلاع المسلمين على السنة وكما سأشرح بعد قليل بإذن الله ..
ومثال هذا النسخ : نسخ آية الرجم للزاني من تلاوة المصحف : مع بقاء حكمها ..
ومثلها أيضا ًنسخ تحديد عدد الرضعات التي تحرم من الرضاعة بعشر ثم خمس من المصحف :
مع بقاء حكمها ..
< وقد كان منتشرا ًفي زمن النبي الاسترضاع : فحد له الله تعالى عددا ً: وتدرج
به إلى أن وصل إلى خمسة كما سيأتي > ..
وهذا النوع من النسخ يسمى :
نسخ التلاوة : مع بقاء الحكم ..
4...
نسخ القرآن لما قبله من الشرائع عند التعارض .. بمعنى أنه لو وجد حكمين ( مختلفين
) في مسألة واحدة في شرعنا وشرع مَن قبلنا : فيكون حكم شرع الإسلام : ناسخ ومُبدل
لحكم الشرع السابق ... والأمثلة من القرآن كثيرة ...
منها أن أبناء آدم عليه السلام كانوا يتزوجون من بعضهم البعض باديء الأمر للحاجة
القطعية لذلك : ولكننا نجده في شرعنا محرما .. وكذلك السجود للبشر : كان مباحا
ًعلى سبيل التحية والإجلال : وكما سجد أخوة يوسف وأبواه له .. ولكنه محرم في شرعنا
وقال النبي أنه لو أباحه لكان أباحه للزوجة لزوجها .. وأيضا ًلم يكن يباح للمؤمنين
من قبل أن يتظاهروا بالكفر ولو اكرهوا عليه لينجون من العذاب أو القتل - مثل فتية
الكهف - : ولكنه مباح في شرعنا .. إلخ
وهناك نسخ آخر في السنة وبين السنة والقرآن : ولكني سأذكره فيما بعد ...
يُتبع بالجزء الثاني والأخير إن شاء الله ...
7)) أمثلة على النسخ في القرآن ...
1... نسخ الحكم والتلاوة معا ً:
>>>ومثاله ما تم نسخه من سورة الأحزاب كما أشرت .. حتى وإن كان عُلم منه
حكم آية مثل الرجم : إلا أنه يتبقى الأغلب لا يُعلم عنه شيئا ً: وهو يقع تحت
الإنساء في قوله تعالى :
" سنقرئك فلا تنسى : إلا ما شاء الله " ...
وكما ينسي الله تعالى نبيه : فهو يُنسي صحابته أيضا ...
وقد ورد ذكر نسخ آيات من سورة الأحزاب عن أبي بن كعب وعائشة وعمر وعكرمة مولى ابن
عباس .. وكما قلت سابقا : ربما كان فيها ما يخاطب الله تعالى به رسوله وآل بيته
وغير ذلك مفصلا : ثم نسخه الله تعالى فجمعه فيما نقرأه في القرآن الآن ...
>>>ومثله ما ورد عن أبي موسى الأشعري أيضا ًفي سورة كانت تقارب سورة
براءة في الشدة والطول ..
>>>ومثله ما رواه أنس في مقتل القراء السبعين في بئر معونة - وكان فيهم
خاله - وأنه نزل قرآنا فيهم ...
وهنا ملحظ هام وهو :
أن الصحابة كانوا يعرفون أن عددا ًمحدودا ًمنهم هم الذين اعتمدهم النبي لكتابة
القرآن فقط .. مثل زيد بن ثابت رضي الله عنه .. وعلى هذا : كان باقي الصحابة ربما
كتب الواحد فيهم إذا بلغته الآيات من القرآن :
كتب معها شرح بعض كلماتها أو أحكامها .. وهذا لا يعد من القرآن .. بل هذه المصاحف
- جمع صحيفة ولا تعني بالضرورة مصحف كامل - قد تسمت باسم أصحابها لتمييزها عن
المصحف الذي تم تدوينه من العرضة الأخيرة للقرآن .. فنجد مصحف عائشة .. ومصحف ابن
مسعود .. وهكذا ...
وكان بعضهم يخلط ما بين الآية والحديث فلا يفرق بينهما إلا كتبة رسول الله .. حيث
كانت قلة موارد الكتابة في ذلك الحين تحول دون تخصيص القرآن منفردا ًعن السنة أو
عن شرحه .. حيث كانوا يكتبون على جذوع الأشجار وعظام أكتاف الحيوانات والصخر
المسطح وأوراق النباتات إلخ
------
2... نسخ الحكم وبقاء التلاوة :
>>>ويدخل تحت هذا النوع كل آيات الأحكام التي فيها استثناء أو تخصيص عام
أو تفصيل مجمل إلخ .. مثل ذكر الله تعالى لذنب الشرك والقتل بغير حق والزنا فقال
فيهم كما ذكرنا من قبل :
" ومَن يفعل ذلك : يلق آثاما ً.. يُضاعف له العذاب يوم القيامة : ويخلد فيه
مهانا " ..
ثم نسخ ذلك الحكم بأن استثنى منه التائبين فقال عز وجل :
" إلا مَن تاب وآمن وعمل عملا ًصالحا ً.. فأولئك : يُبدل الله سيئاتهم حسنات
" ...
فبقاء الآية الأولى في تلاوتها : يرتبط بالاستثناء الناسخ لعموميتها في الآية
التالية لها .. ومثل استثناء الله تعالى من العذاب للذين كفروا بعد إيمانهم من أهل
الكتاب وشهدوا أن الرسول حق :
" إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم " .. آل عمران
- 89 ..
>>>ومثل بقاء الآيات التي لا تحرم الخمر صراحة : وارتباطها بالآية
الأخيرة الناسخة لها : فالآيات التي لا يفهم منها صراحة ًتحريم الخمر هي :
" ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سَكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية
لقوم يعقلون "
النحل - 67 .. ووصف الرزق بالحسن : وعدم وصف السُكر بشيء فيه لفت نظر المسلمين ثم
:
" يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من
نفعهما " ..
البقرة 219 .. وهنا رغم بعض أنواع العائد المادي لتجارة الخمر : إلا وقد بان أن
إثمهما أكبر ثم :
" يا أيها الذين آمنوا : لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى : حتى تعلموا ما
تقولون " النساء - 43 ..
وفي الآية منع غير مباشر خلال فترات اليوم والليلة للسُكر بأوقات كافية لتخلل
الصلوات ثم أخيرا ً:
" يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام : رجس من عمل
الشيطان فاجتنبوه " ..
المائدة - 90 .. والآية هنا صريحة في الحكم النهائي بالاجتناب : وهو أقوى من مجرد
النهي !
والشاهد :
أن بقاء الآيات المنسوخة في الحكم : هي تذكير ودليل على رحمة الله تعالى بالمؤمنين
: وبيان منهج التدرج في تغيير العادات المتأصلة في الكثير من الناس بحكم عاداتهم
في أول الإسلام : وإن كانت لا تصح ...
>>>ومثله أيضا ًالآية التي أوردتها في السابق عن بقاء المتوفى عنها زوجها
في بيتها عاما ًيُنفق عليها فيه ما دامت ملتزمة ًبذلك :
" والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً : وصية ًلأزواجهم متاعاً إلى الحول غير
إخراج " البقرة - 240 ..
وقد نسختها آية تحديد عدة الأرملة بالأربعة أشهر وعشرا ً... فبقت الآية تلاوة
ًشاهدة على التدرج ..
>>>ومثل آية الوصية :
" كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت .. إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين
بالمعروف " ..
البقرة – 180 .. نسختها آيات تحديد (المواريث) في سورة النساء .. حيث لا وصية
لوارث وكما جاء في الحديث :
" إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه .. فلا وصية لوارث " ...
أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير ..
>>>نسخ الثبوت (لعشرة أضعاف) في المعركة .. للثبوت أمام (ضعفين) فقط ..
والآية المنسوخة هي :
" يا أيها النبي .. حرض المؤمنين على القتال .. إن يكن منكم عشرون صابرون
يغلبوا مائتين .. وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قومٌ لا
يفقهون " .. الأنفال – 65 .. فقد
نسختها الآية التالية وبقت الأولى لمَن يبلغ درجتها الإيمانية : ولبيان رحمة الله
تعالى بعامة المؤمنين ورفع الحرج عنهم والمشقة :" الآن خفف الله عنكم وعلم أن
فيكم ضعفا .. فإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين .. وإن يكن منكم ألف يغلبوا
ألفين بإذن الله : والله مع الصابرين " .. الأنفال - 66 ..
>>>نسخ حكم (الصفح) عن الكفار إذا آذوا المسلمين .. وذلك في الآيات
المكية الكثيرة مثل :
" وأعرض عن الجاهلين " .. الأعراف – 199 ..
" قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله " .. الجاثية – 14 ..
نسخ الله تعالى ذلك بـ (الإذن) للمسلمين بالقتال :
" أُذن للذين يُقاتلون بأنهم ظـُلِموا .. وإن الله على نصرهم لقدير ......
" .. الحج – 39 ..
وفيه تدرج حكم الجهاد على المسلمين بحسب تدرج قوتهم ووحدتهم .. وفيه بناء للصف
الإيماني المكي الأول بالصبر والجلد : فلا يزكو منه ولا يهاجر إلا المؤمنون
الصادقون بعكس الذين انتكسوا ..
>>>ويمكن إلحاق بهذا النوع : ما لم يُذكر في القرآن نص حكمه أصالة ً:
ولكن ورد نسخه تلاوة ..
وذلك مثل أنه كان مباحا ًمثلا ًللمسلمين الإفطار والجماع من بعد المغرب في رمضان
وحتى جوف الليل لحين الإمساك .. فمَن نام منهم في تلك الأثناء من بعد الإفطار :
حرم عليه الأكل والجماع
حتى ولو لم يبلغ الفجر بعد .. فشق ذلك عليهم .. فجاء الأمر بالتخفيف على المسلمين
بإباحة جماع زوجاتهم في كل ليل رمضان أو الجماع : ما عدا (المُعتكفين) .. والآية
الناسخة هي :
" أُحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نساؤكم .. هن لباسٌ لكم .. وأنتم لباسٌ لهن
.. علمَ الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم .. فتاب عليكم .. وعفا عنكم .. فالآن
باشروهن .... " البقرة – 187 ..
>>>أيضا ًما كان من أمر التوجه في القبلة إلى المسجد الأقصى في أول
الصلاة .. ثم نسخ بعد الهجرة بالتوجه إلى البيت الحرام .. والآيات الناسخة هي التي
بدايتها من سورة البقرة :
" سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ؟.. قل لله
المشرق والمغرب : يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " ... البقرة - 142 ..
وأكتفي بهذا القدر ...
------
3... نسخ التلاوة وبقاء الحكم ...
>>>وذلك مثل ما جاء في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه المتفق عليه في
الصحيحين وغيرهما : عن ابن عباس قال : قال عمر بن الخطاب :
" لقد خشيت أن يطول بالناس زمان .. حتى يقول قائل : ما أجد الرجم في كتاب
الله .. فيضلوا بترك فريضة من فرائض الله .. ألا وإن الرجم حق : إذا أحصن الرجل
وقامت البينة أو كان حمل أو اعتراف .. وقد قرأتها : " الشيخ والشيخة إذا زنيا
.. فارجموهما البتة " .. فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ورجمنا بعده
" ...
>>>ومثل الحديث المتفق عليه أيضا في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله
عنها قالت :
" أُنزل في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن .. فنسخ من ذلك خمس رضعات .. وصار
إلى خمس رضعات معلومات يحرمن .. فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على
ذلك " ..
وقولها والأمر على ذلك (وفي رواية : فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما
يقرأ من القرآن) :
يعني أنه لم يثبتها جبريل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم في العرضة
الأخيرة : لعدم ضم زيد بن ثابت لها في المصحف الذي جُمع في عهد أبي بكر رضي الله
عنه .. وهنا نقطة هامة جدا وأعيدها لأنها مفتاح للإجابة على الكثير من الشبهات في
هذا الصدد وهي :
أنه ليس كل الصحابة حضروا العرضة الأخيرة التي راجعها النبي معهم من مراجعة جبريل
عليه السلام له .. ولذلك فمنهم مَن لم يوافق أصلا ًعلى توحيد جمع القرآن بله إشراف
زيد بن ثابت عليه وهو الشاب وهم كبار السن : وذلك مثل عبد الله بن مسعود مثلا رضي
الله عنه كما في سنن ابن ماجة وغيره ... وتبقى العمل فقهيا ًكما هو معلوم هو على
التحريم من الرضاع لخمس رضعات لحديث عائشة ..
>>>وقبل أن أترك هذه النقطة : أود الإشارة لضعف حديث كثيرا ًما يذكره
أصحاب مثل هذه الشبهات .. ألا وهو حديث أكل الداجن لآيات من القرآن : وما يُفهم من
ذلك أن ذلك كان سبب عدم ضمهم في المصحف !!!..
أقول :
والحديث رواه أبو سلمة يحيى بن خلف قال : ثنا عبد الأعلى : عن محمد بن إسحاق : عن
عبد الله بن أبي بكر : عن عمرة : عن عائشة - وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن
عائشة - قالت :
" لقد نزلت آية الرجم .. ورضاعة الكبير عشرا .. ولقد كان في صحيفة تحت سريري
.. فلما مات رسول الله وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها " ..
فماذا يقول المحققون من علم الحديث عن سندها ؟
يقولون العلة في هذا الحديث تدور حول : محمد بن إسحاق .... فقد اضطرب في هذا
الحديث وخالف غيره من الثقات ..
فمرة يرويه عن :
عبد الله بن أبي بكر : عن عمرة : عن عائشة ..ومرة يرويه عن : عبد الرحمن بن القاسم
: عن أبيه : عن عائشة ..
ومرة يرويه عن : الزهري : عن عروة : عن عائشة وكما عند أحمد :
ولكنه ليس فيه ذكر الداجن هذه !
وفي كل هذه الروايات : نجد أن محمد بن إسحاق قد خالف الثقات في متن الحديث ...
حيث نجد الرواية عند الإمام مالك ومسلم عن عبد الله بن أبي بكر - وأخرى عن يحيى بن
سعيد - :
عن عمرة عن عائشة قالت :
" نزل القرآن بعشر رضعات معلومات يحرمن .. ثم نسخن بخمس رضعات معلومات ..
فتوفي رسول الله : وهن مما نقرأ من القرآن " ...
وليس فيه ذكر قصة الداجن !!!!..
وعلى هذا مدار الاعتراض على هذه الرواية التي تفرد بها محمد بن إسحق ...
وأيضا ًطريقها عن إبراهيم الحربي في كتاب غريب الحديث : ثنا هارون بن عبد الله :
ثنا عبد الصمد : ثنا أبي قال :
" سمعت حسينا عن ابن أبي بردة أن الرجم أنزل في سورة الأحزاب وكان مكتوبا في
خوصة في بيت عائشة : فأكلتها شاتها " ...
فهذه الرواية التي ذكرها عن الحربي في الغريب أيضا ًفيها عدة علل .. منها :
ضعف عبد الصمد بن حبيب .. ومنها : جهالة والده .. وبالتالي منها الإرسال ...
وهذه أقوال بعض أهل العلم في حديث محمد بن إسحاق في غير المغازي والسير :
1- قال يعقوب بن شيبة : سمعت ابن نمير - وذكر ابن إسحاق - فقال : " إذا حدث
عمّن سمع منه من المعروفين : فهو حسن الحديث صدوق .. وإنما أتى من أنه يحدث عن
المجهولين أحاديث باطلة " .. تاريخ بغداد للخطيب (1/277) ...
2- وقال عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل : قيل لأبي : يُحتج به ؟؟ - يعني ابن
اسحاق - قال : " لم يكن يُحتج به في السنن " .. وقيل للإمام أحمد : إذا
انفرد ابن إسحاق بحديث : تقبله ؟؟.. قال :" لا والله .. إني رأيته يحدث عن
جماعة بالحديث الواحد : ولا يفصل كلام ذا من كلام ذا " .. سير الذهبي (7/46)
وقال الإمام أحمد أيضا ً: " وأما ابن اسحاق : فيـُكتب عنه هذه الأحاديث –
يعني السير والمغازي ونحوها - فإذا جاء الحلال والحرام : أردنا قوماً هكذا - قال أحمد
بن حنبل : - بيده وضم يديه وأقام الإبهامين " تاريخ ابن معين (2/504-55)
وقال الذهبي في السير (7/41) : " وأما في أحاديث الأحكام فينحط حديثه فيها عن
رتبة الصحة إلى رتبة الحسن إلا فيما شذ فيه فإنه يعد منكراً "
وقال الذهبي أيضا ًفي العلو صـ39 : " وابن إسحاق حُجة في المغازي إذا أسند :
وله مناكير وعجائب " !!!...
وحتى بفرض صحة هذه الرواية عن الداجن (تنزلا وجدلا) : فليس بالشيء الطاعن في
الصحابة ولا القرآن ولا الدين !!!.. إذ : هذا كان حال المسلمين وأغلب الصحابة
بالفعل من بساطة العيش
.. فلا خزانات وأقفال ومكتبات مثلا !!.. كما أن الله تعالى إذا شاء أن يُنسي شيئا
من قرآنه بالنسخ :
أزاله بأسباب ..
منها النسيان لأسباب العقول .. ومنها ضياع الكتابة كما لو صح حديث عائشة هذا
بزيادته تلك ... ولا أدل على ذلك من أن الآيات المنسوخة (مثل آية الرجم) : نجد
اضطرابا في لفظها بين الرواة : مما يشير إلى أن النسيان طالها بالفعل من العقول
وكما شاء عز وجل ..
-------
4... نسخ شرع الإسلام والقرآن لأحكام ما قبله عند التعارض ..
>>>وقد ذكرت بعض أمثلته منذ قليل في النقطة السابقة عن أنواع النسخ ...
وهذا فقط عند التعارض .. وأما في غير التعارض : فشرع ما كان قبلنا : هو مثل شرعنا
.. حيث نجد فيه تحريم الخبائث في الأصل - مثل الربا والزنا والتبرج والسفور والخمر
والخنزير إلخ - ..
هذا بالنسبة للأحكام .. أما في العقيدة والتوحيد بالطبع : فهي ثابتة في كل رسالات
الله تعالى للبشر ...
وملحوظة أخيرة وكما قلت منذ قليل وأكرر :
كل ما قد نـُسخت تلاوته من القرآن : سواء ما نسخ تلاوته وحكمه معا ً: أو نسخ
تلاوته وبقي حكمه :
سنجد اختلاف الروايات في ذكر ألفاظ آياته :
لنسيان الصحابة له بالفعل ..! ولن نجده في أية قراءة من قراءات القرآن كذلك !.. في
حين بقي القرآن الذي أراد الله تعالى حفظه واستباقئه لنا :
لا يُخطيء في حفظه حافظ وبمختلف قراءاته : ولو في حرف واحد منه !!..--------
8)) ما الحكمة من النسخ في القرآن ...
1...لعل أبرز الحكم حتى الآن كما لاحظنا هي :
التدرج في الكثير من الأحكام على المسلمين .. وهو منهج رباني يدل على رحمة الله
تعالى بعبيده .. وتعليم الدعاة مراعاة توغل العادات الخاطئة عند بعض الناس ..
وتدرج بيان خطأها وقبحها لهم : ثم تنفيرهم منها تمهيدا ًلتحريمها مثل الخمر مثلا
...
ولعل قائل يقول هنا أن الإسلام : لم يأمر بالخمر أصلا ًحتى ينسخ حكمه !!!.. إنما
وجده متوغلا ً: فتركه إلى أن جاء وقت بيان حكمه .. ومثله في ذلك مثل زواج المتعة
... إلخ أقول : بل هو نسخ ...!
لأن مجرد حدوثه - أي شرب الخمر او زواج المتعة - وإقرار النبي له : فهو شرع في
وقتها بالإباحة ! ولو قرأ أحد العوام أحد الآيات التي تتحدث عن الخمر : غير الآية
التي في الأمر بالاجتناب صراحة ً: فلن يفهم منها أبدا ًالتحريم !!.. فلك أن تتخيل
ذلك الوقت منذ إعلان الرسالة : وإلى قبل نزول تلك الآية : ماذا كان حكم الخمر ؟!
2...وأما الحكمة الثانية .. فهي قريبة من الأولى .. وهي إظهار باب إرادة الله
تعالى اليسر بالمؤمنين وليس العسر بهم .. وذلك مثل تخفيف حكم الصوم .. وحكم تخفيف
الثبات لعشرة أضعاف بالضعفين
إلخ وأما لو سأل سائل عن سبب بقاء الآيات المنسوخة في القرآن رغم انتهاء العمل بها
؟؟ فأقول : هي للتذكير بفضل الله ورحمته عند قراءتها : ولتعليم الدعاة والقضاة
والحكام وغيرهم كما قلنا ..
3...
بيان سعة علم الله تعالى .. وأنه لا معقب لحكمه .. يفعل ما يشاء .. وهذه المعاني
لا ينتبه إليها الكثيرون للأسف .. رغم أنها سهلة الملاحظة مع قليل التدبر لمَن
يشاء .. فمثلا ً: نعلم جميعا ًأن القرآن الذي بين أيدينا الآن : قد أنزله الله
تعالى إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ومع أول وحي للنبي في الغار : ثم بدأ نزوله
من بعد ذلك متفرقا ً ومُنجما ًعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفق مشيئة الله تعالى وحكمته وتدرجه بالمؤمنين وتثبيتا ًلهم ..وعلى هذا .. فرغم
معرفة الله تعالى مثلا ًبأن حكم الخمر سيؤول في النهاية للأمر باجتنابها : إلا أنه
لم يجعل هذه الآية هي أول ما ذكر عن الخمر ..! وهكذا هي كل أنواع النسخ والتبديل
والمحو : تجري بإرادة الله تعالى وحكمته ورحمته ومشيئته وقدرته .. يقول عز وجل :
" يمحو الله ما يشاء ويُثبت .. وعنده أم الكتاب " .. الرعد – 39 .. أي
اللوح المحفوظ الذي فيه خبر كل شيء ونسخه ..
فنجد فيه مثلا قدر الله في الشيء ونسخه ..! مثل قد وقوع حادث للولد : ونسخه بعدم
الوقوع لدعاء أمه له !
وقليل ٌمَن يتدبر كل ذلك كما قلت للأسف ...
(ومثال لتصور مثل هذه الحكمة - وهي أن يأتي الله تعالى بشيء : يخالف المآل الذي
سيؤول إليه ذلك الشيء - : هو قول الله تعالى لموسى وأخيه عند ذهابهما إلى فرعون :
" فقولا له قولا لينا : لعله يتذكر أو يخشى " .. رغم أن الله تعالى يعرف
بموت فرعون على الكفر مُسبقا) ..
4...أيضا ًمن أهم حكم النسخ : هو إبراز وتفعيل دور السنة النبوية وأحاديث النبي
وأهميتها للأمة المؤمنة ... فالكثير من الأوامر والعبادات والأحكام : جاءت السنة
بشرحها وبيانها وتفصيلها والاستثناء منها : وبما ليس في القرآن تفصيله لشموليته
وعموميته ....
مثل تفاصيل كثيرة في العقيدة تعصم من الزلل عند المتكلمين والمتمنطقين والمغترين
بالعقل ونحوه ..
ومثل تفاصيل الصلاوات الخمس : مواقيتها وعددها وعدد ركعاتها وهيئاتها وما يقال
فيها وكيفياتها إلخ
ومثل تفاصيل أحكام الصوم وكفارة الإفطار فيه أو الجماع إلخ ..
وكذلك الزكاة وصفها ومقاديرها وشروطها ..
وكذلك تفاصيل العمرة والحج ومناسكهما وأيامهما وما يفعل فيهما من إحرام وعبادة
وتحلل وشروطها إلخ
وكذلك عشرات المعاملات التجارية والاجتماعية .. وحتى الأطعمة ...!
فنجد تحريم أكل لحم الحُمُر الأهلية (وهو الحمار العادي المعروف للفلاح وغيره -
غير الحمار الوحشي) ..
ونجد استثناء جواز أكل السمك الميت والجراد الميت من تحريم أكل الميتة في القرآن
!!..
ونجد كذلك استثناء أكل الكبد والطحال (وهما من الدم) من تحريم أكل الدم في القرآن
!!..
وهكذا عشرات الأمثلة لا تنتهي في دور السنة مع القرآن ...
ولتشبيه العلاقة بينهما ولله تعالى المثل الأعلى :
فالقرآن : هو كالكتاب الأساسي العام والمُجمل لأحد الدكاترة في الجامعة أو أحد
قضاة القوانين العامة إلخ ...
وأما السنة : فهي كمذكرات الشرح والتوضيح والتفصيل ..
وأما اختبار الله تعالى للمسلمين بنسخ السنة للقرآن (وقد علمنا أن النسخ يكون
بالاستثناء وتفصيل المُجمل وتخصيص العام إلخ) : فهو لفت انتباههم لأهمية الأخذ
بالسنة ومكانتها في التشريع .. وفضح جهل وخسران كل مَن يدعي أنه (قرآني) فقط وينكر
السنة ...
ومثال ذلك أيضا ًمن حياتنا العملية ولله تعالى المثل الأعلى :
فهو كدكتور جامعة له محاضرات لكتابه الأساسي : ومحاضرات أخرى لشروحات وتفصيل
الكتاب .. فعلم أن هناك بعض الطلبة الفشلة لا يحضرون إلا محاضرات الكتاب الأساسي :
ولا يحضرون محاضرات الشرح والتفصيل .. فيتعمد هنا أن تأتي مجموعة أسئلة في
الامتحان : مما يجيء في محاضرات الشرح والتفصيل التي لا يحضرها هؤلاء !!.. وحتى
يفضحهم ويكشف تهربهم وفساد دراستهم عمليا !!..
فنجد السنة مثلا وقد حددت لنا عدد الرضعات التي يحرم بها ما يحرم من النسب ..
وحددت لنا رجم المحصن الزاني أو المحصنة الزانية وهكذا ... ومما لم يأت في القرآن
نصا ..
5...
نسخ القرآن دلالة على قدرة الله تعالى على الإتيان بمثل القرآن الذي بين أيدينا
الآن .. وهو جنس ما تحدى به الجن والإنس فلم يستطيعوا إلى اليوم : ولن يستطيعوا
!!.. ولكنه سبحانه فعل : وأتى بقرآن مثل القرآن : نسخه بمشيئته وحكمته وإرادته :
فكان عنوانا لكل ذي عينين بأن القرآن (كلام الله) يتكلم به متى شاء ولا يعجزه
الاستكثار منه ومن إعجاز نظمه وبيانه :
" قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي : لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي :
ولو جئنا بمثله مددا " الكهف 109 ..
" ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام : والبحر يمده من بعده سبعة أبحر : ما
نفدت كلمات الله " لقمان 27 ..
وأكتفي بهذا القدر من التوضيح والأمثلة ...
----------
9)) هل يوجد نسخ في السنة ؟.. وهل تنسخ السنة القرآن أو العكس ؟
نعم يوجد نسخ في السنة كما القرآن ... وهو نسخ من السنة للسنة ..
ولكن لا يصح أن يقال نسخت السنة القرآن بمعنى : محو حكم فيه بالسنة أو حديث أو
استبداله بغيره تماما !!...
ولكن يقال نسخت السنة القرآن على سبيل : الشرح والاستثناء وتفصيل المُجمل وتخصيص
العام إلخ - وكما بينت - ..
ومثلما جاء في السنة مثلا استثناء أكل ميتة السمك والجراد من أكل الميتة المحرم
بنص القرآن .. وكذلك استثناء أكل الكبد والطحال من أكل الدم المحرم بنص القرآن
أيضا ..
" أحل لنا ميتتان ودمان .. فأما الميتتان : فالحوت (أي السمك) والجراد ..
وأما الدمان : فالكبد والطحال " .. رواه أحمد وابن ماجة وغيرهما وصححه
الألباني عن ابن عمر ..
ونفس ما قيل في الحكمة من النسخ في القرآن عموما ً: يقال في الحكمة من النسخ في
السنة أيضا ًخصوصا ً.. ومن أمثلة ذلك :
1...قول النبي صلى الله عليه وسلم :
" كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها .. فإنها تذكركم الموت " ..
والحديث عند مسلم وفي السنن وصححه الألباني ..
والحكمة أن المسلمين الجدد من المدينة وما حولها من الأعراب : يكون منهم مَن يحمل
بقايا دواعي ما كان يفعله في شركه من قبل .. ومن ذلك ما كانوا يفعلونه عند قبور
الأموات من التسخط على الموت والدهر أو اللطم والنياحة أو دعاء الميت أو الاستغاثة
به إلخ .. فلما استقر الإسلام في المدينة وانتشر التوحيد وترسخت القيدة وظهرت
للقاصي والداني : رجع الأمر للإباحة وقد علم النبي تخطي المسلمين لدواعي الشرك عند
زيارتهم للقبور لذكر الموت ..
2...قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث ( أي الأكل منها بعد ثلاثة أيام ) ..
فكلوا وادّخروا ما بدا لكم " ..
والحديث عند الترمذي والنسائي وصححه الألباني ..
حيث كان يُمنع بقاء لحوم الأضاحي في البيوت بعد ثلاثة أيام في أول الأمر : لحث
المسلمين على التصدق منها على الغير من فقير وقريب ونحوه : لتنتهي قبل مرور
الثلاثة أيام .. أما وقد فهم المسلمون ذلك واستوعبوه : فرجع الأمر للإباحة في بقاء
لحوم الأضاحي لما بعد الثلاثة أيام وقد عرفوا أن السنة التصدق منها والتوسعة على
الآخرين ...
وأما معرفة الحكم ونسخه ومعرفة توقيت كل منهما في السنة والأحاديث ومعرفة مَن
المتأخر على مَن المتقدم من أقوال النبي وأفعاله لأهمية ذلك : فهو يدخل تحت مسائل
أبواب الناسخ والمنسوخ في الفقه .. أو تعليقات العلماء على الأحاديث وشروحاتها ..
ومن الجدير بالذكر أنه قد رد العلماء على مَن قال بأن السنة تنسخ القرآن نسخ محو
وزيادة :
فساقوا إليه أمثلة للرد عليه : وسأكتفي بأشهر ثلاثة أمثلة منها كمثال وهي :
1...لما قيل أن آية : " الوصية للوالدين والأقربين " .. منسوخة بحديث :
" لا وصية لوارث " ..
فبين العلماء أن الصواب هو أنها منسوخة أولا بآيات المواريث وكما وضحت بأعلى ..
والحديث فقط قد زادها تفصيلا وتبيينا لها ..
2...وقيل أن الآية الواردة في جزاء من تأتي بفاحشة مبينة وهي : " فأمسكوهن في
البيوت حتى يتوفاهن الموت .. أو يجعلَ الله لهن سبيلا " .. قيل أنها منسوخة
بحديث الرجم والتغريب في الصحيح :
" خذوا عني .. خذوا عني .. قد جعل الله لهن سبيلا .. فذكر الرجم .. والجلد ..
والتغريب " ..
والصواب أن الآية جعلت للإمساك غاية مُبهمة وهي الموت .. فبينت السنة تلك الغاية
في التغريب عام لغير المحصن مع الجلد .. والرجم للمحصن ... وهو ما أشار الله تعالى
له في قرآنه بالفعل بقوله : " أو يجعل الله لهن سبيلا " ..
3...وقيل أن آية تحريم القتال في الأشهر الحرم : "يسئلونك عن الشهر الحرام
قتال ٍ فيه " : قيل أنها منسوخة بفعل النبي حينما قاتل قبيلتي هوازن وثقيف في
ذي القعدة .. والصواب : أنهم هم الذين بدأوه بالقتال .. حيث ساروا إلى مكة
بجحافلهم : فقابلهم في حنين .. في حين أن المنهي عنه في الآية هو البدء بالقتال ..
فضلا ًعن أن الأشهر الحرم لا تمنع رد العدوان وذلك كما جاء في الحديث الصحيح عند أحمد
وغيره :
" كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغزو في الشهر الحرام : إلا أن يُغزى ..
فإذا حضره ذلك : أقام حتى ينسلخ " ..
----------------
10)) خاتمة ....
حيث لا أجد في نهاية هذا الموضوع إلا :
تحذير كل مسلم ومسلمة قليل الزاد والعلم في دينه : من الخوض فيما ليس له به علم
!!!!..فإن الأمر جد والله وليس بالهزل !!.. فهو يتحدث في دين رب العالمين وعنه ..
سواء في إنكاره للناسخ والمنسوخ أو إيذاء وتلبس الجن للإنس أو أحكام شرعية لا
يعرفها من دينه أصلا ً !!
وذلك :
لأنه عندما تواجهه الشبهات أو يتلبسه جهله الشرعي أمام مسألة من المسائل لا يفهمها
: فكثير منهم للأسف الشديد - وكأسهل رد فعل ولأنه لم يتربى على العلم وأداب وأهمية
طلب العلم - تجده : وقد بدأ يُشكك في صحة أحاديث ثابتة وصحيحة !!.. ويتهم علماء
الأمة بالجهل والغش إلخ !!!..
إلى آخر تلك الذنوب المتتاليات التي يحملها على ظهره نتيجة خوضه فيما لا يعلم
ويحمل وزر نشرها بين العوام والجهال مثله ..
يقول عز وجل :
" ولا تقفُ ما ليس لك به علم : إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك : كان عنه
مسؤولا " !!..
الإسراء - 36 .. ويقول عز وجل :
" ومن الناس مَن يجادل في الله بغير علم : ولا هدى : ولا كتاب منير "
!!.. الحج - 8 ..
بل الواجب هو سؤال أهل العلم من الشيوخ والعلماء الثقات أو مواقع النت الإسلامية
المعروفة :
مثل الإسلام سؤال وجواب و الإسلام ويب إلخ
أسأل الله تعالى أن يغفر لي أي خطأ فيما قلت وكتبت من نفسي أو من الشيطان
بحث جميل مختصر على غير العادة يا أباحب لو أضفت اليه ان اليهود على عادتهم من نزع القدرة و السلطان الى الله سبحانه و نسبها الى انفسهم قد فعلوا نفس الشيء في هذا المبحث اذ منعوا على الله النسخ و تبديل ما شاء من شرعه احتيالا منهم على الله و مخادعة منهم له سبحانه حتى لاينفذ فيهم وعده بسحب سلطان الشرع منهم و اعطاءه لاخوتهم ان هم تركوا أمره...فاعلنوا موت سلطة التبديل عند الله سبحانه تعالى الله عن افكهم علوا كبيرا و اخفوا عن العامة من دينهم ما يدل على تواتر النسخ في انبياءهم مما حواه التلمود و الهالاخاه و الكابالا و زعموا الغنوصية في ذلك, و لما مكر الله بمكرهم -كمكرهم يوم السبت- و اضطرهم بامره الكوني الى تقليب الدهر بالحاجات الكونية و المصالح المتقلبة المستلزمة لتبدل الأحكام و الشرائع جملة اضطروا في جرأة عجيبة ان ينسبوا الى أنفسهم ما منعوا الله منه سبحانه و اعلنوا ان لأئمتهم و فقهائهم و رهبانهم الحق في نسخ الشرائع التي قالوا انها لا تنسخ ..و كل ذلك قرعهم عليه القرآن تقريعا بليغا و أعجب منه أن كثيرا من المسلمين قد اتبع سبيلهم في ذلك و ليس الأمر مقتصرا على طائفة فما توجد طائفة تعصبت لرأيها و ظنت نفسها الناجية على التعيين الا ووقعت في نفس هذا التناقض شعرت به او لم تشعر...و الله أعلم
>>>
أما بالنسبة لليهود :
فهم
يدعون عدم جواز النسخ على الله : لأن النسخ –
هكذا قصروه - : يعني جهل الله وبدو ما كان خافيا ًعنه !!!..
وأما غرضهم أولئك الخبثاء من ذلك : هو التملص من نسخ الله تعالى شرعهم بغيره.. وأحكامهم بغيرها .. والأهم : نسخ رسالتهم بغيرها : فيخدعون أنفسهم والناس بذلك : لتبرير عدم اتباعهم لعيسى أو محمد عليهم الصلاة والسلام !!!!...
والصواب
:
أنه معلوم من كتبهم نفسها (التوراة أو العهد القديم) : أن كل رسول وكل رسالة تأتي
: يكون في أحكامها ما ينسخ ما قبلها .. وذلك لأن النسخ عند الله تعالى يجري بمقتضى
حكمته عز وجل : بما يناسب كل قوم وكل أمة وكل زمان !!!.. فالأحكام الجديدة الناسخة
: هي الأفضل في وقتها وظروفها ومكانها .. وتماما ًكما كانت الأحكام القديمة
المنسوخة : هي الأفضل في وقتها وطروفها ومكانها !!.. لا حرمنا الله من فوائدك
...
----------------------------------------
من منتدي الرد على إنكار النسخ في القرآن
اضغط الروابط التالية لتحميل الرد علي القرآنيين في انكارهم الناسخ والمنسوخ
اضغط الروابط التالية لتحميل الرد علي انكار احمد صبحي منصور لحد الردة وانكاره لعذاب القبر
اضغط لتنزيل ترتيب نزول القرآن تاريخيا وهو ضروري لمعرفة الناسخ من الآيات القرآني والمنسوخ منها
ر